ليفربول يكتب التاريخ الانتصار المئوي على إيفرتون

ليفربول يكتب التاريخ الانتصار المئوي على إيفرتون


 في ليلةٍ حملت معها عبق التاريخ ونكهة التنافس العريق ، نجح نادي ليفربول في تسجيل انتصاره المئوي على غريمه التقليدي إيفرتون في ديربي ميرسيسايد، تلك المواجهة التي تتجاوز حدود كرة القدم لتصبح جزءًا من هوية مدينة ليفربول. 

هذا الإنجاز اللافت، الذي تحقق في الثاني من أبريل 2025 على ملعب أنفيلد، لم يكن مجرد فوز عابر، بل علامة بارزة في سجل الصراع الطويل بين الفريقين، حيث أضاف "الريدز" فصلًا جديدًا إلى قصة هيمنتهم على جارهم اللدود.

ديربي ميرسيسايد ليس مباراة عادية، بل هو احتفالية كروية تجمع بين العاطفة والتاريخ والفخر المحلي. منذ انطلاق المنافسة بين الفريقين في أواخر القرن التاسع عشر، ظل هذا اللقاء يحمل طابعًا خاصًا، يمتزج فيه الحماس الجماهيري بالرغبة في إثبات التفوق. وبلوغ ليفربول للانتصار رقم 100 في جميع المسابقات أمام إيفرتون يعكس مدى السيطرة التي فرضها "الريدز" على هذه المواجهة عبر العقود. هذا الرقم ليس مجرد إحصائية، بل شاهد على قوة الفريق الأحمر وثباته في واحدة من أعرق المباريات في كرة القدم الإنجليزية.

في تلك المباراة التي جرت ضمن منافسات الدوري الإنجليزي الممتاز لموسم 2024-2025، أظهر ليفربول أداءً يعكس شخصيته القوية وطموحه الدائم للتتويج بالألقاب. بدأ اللقاء بحذر من الجانبين، حيث حاول إيفرتون، بقيادة مدربه ديفيد مويس، فرض أسلوب دفاعي محكم مع الاعتماد على الهجمات المرتدة. لكن ليفربول، بقوته الهجومية المعتادة، تمكن من فك شفرة دفاع "التوفيز" بفضل تحركات لاعبيه السريعة وتمريراتهم الدقيقة. محمد صلاح، نجم الفريق وأحد أبرز رموز هذا العصر الذهبي لليفربول، كان له دور محوري في هذا الانتصار، حيث سجل هدفًا حاسمًا أشعل المدرجات وأعاد إلى الأذهان إنجازاته المتتالية أمام إيفرتون.

ما يجعل هذا الانتصار مميزًا أكثر هو السياق التاريخي الذي يحمله. فبفوزه في هذه المباراة، أصبح ليفربول ثاني فريق في تاريخه يحقق 100 انتصار على إيفرتون، بعد أن سبق له تحقيق 103 انتصارات على أستون فيلا. هذا الإنجاز يضع النادي في مصاف الأندية القليلة التي تمكنت من فرض هيمنة مطلقة على خصم معين في تاريخ الكرة الإنجليزية. وعلى الجانب الآخر، يعاني إيفرتون من عقدة أنفيلد التي استمرت لعقود، حيث لم يحقق الفوز على ليفربول في معقله منذ سنوات طويلة، وهو ما يزيد من مرارة جماهيره مع كل هزيمة جديدة.

لم تكن المباراة خالية من اللحظات الدرامية التي تميز ديربي ميرسيسايد. في الشوط الأول، أضاع إيفرتون فرصة ذهبية للتقدم عندما ارتطمت تسديدة أحد لاعبيه بالعارضة، لكن ليفربول استغل الفرصة بعدها بدقائق معدودة ليفتتح التسجيل. هذه اللحظة جسدت الفارق بين الفريقين: ليفربول يملك القدرة على تحويل الفرص إلى أهداف، بينما يكافح إيفرتون لاستعادة مجده الغائب. في الشوط الثاني، واصل "الريدز" ضغطهم، وأضافوا هدفًا ثانيًا عزز تفوقهم، لتنتهي المباراة بنتيجة 1-0، معلنة عن تحقيق الانتصار المئوي بأسلوب يليق بتاريخ النادي.

جماهير ليفربول، التي ملأت مدرجات أنفيلد، كانت اللاعب الإضافي في هذا اللقاء. أناشيدهم التي صدحت طوال المباراة، وعلى رأسها "لن تسير وحدك أبدًا"، منحت اللاعبين دفعة معنوية كبيرة، وحولت الملعب إلى حصن منيع. هذا الانتصار لم يكن فقط للاعبين، بل كان انتصارًا لكل مشجع يحمل ليفربول في قلبه، ولكل من عاش لحظات الفرح والألم مع الفريق على مر السنين.

من الناحية الفنية، يعكس هذا الفوز حالة الاستقرار التي يعيشها ليفربول تحت قيادة مدربه الحالي، الذي نجح في بناء فريق متوازن يجمع بين الخبرة والشباب. لاعبون مثل فيرجيل فان دايك، الذي قاد خط الدفاع بثبات، وترينت ألكسندر-أرنولد، الذي أبدع في صناعة اللعب من الجهة اليمنى، كانوا أحد أسباب هذا التفوق. في المقابل، يبدو إيفرتون في مرحلة انتقالية، حيث يحاول استعادة مكانته وسط تحديات مالية ورياضية تهدد طموحاته.

هذا الانتصار ليس نهاية المطاف، بل بداية لمرحلة جديدة من التنافس بين الفريقين. فبينما يحتفل ليفربول بهذا الإنجاز، يظل إيفرتون يبحث عن طريقة لكسر هذه الهيمنة واستعادة أيام مجده. لكن في الوقت الحالي، يبقى "الريدز" هم سادة ميرسيسايد، وقد كتبوا اسمهم بحروف من ذهب في سجل هذا الديربي العريق. الانتصار رقم 100 ليس مجرد رقم، بل هو دليل على إرث كروي عظيم، ووعد بمزيد من الإنجازات في المستقبل.