تُعد دوري أبطال أوروبا المسابقة الأعرق والأكثر شهرة في عالم كرة القدم، فهي مسرحٌ يتنافس فيه كبار الأندية في القارة العجوز على المجد والهيمنة.
ولكن، وسط كل تلك العظمة والمهارة، شهدت البطولة أيضًا قصصًا غريبة لفرق وجدت نفسها في مواجهة عمالقة أوروبا دون امتلاك الأدوات الكافية للمنافسة، لتسطر أسماءها في التاريخ ولكن من زاوية مختلفة: زاوية الأضعف والأكثر معاناة.
في هذا المقال، نستعرض أبرز الفرق الأضعف في تاريخ دوري الأبطال، وكيف تحوّلت مشاركاتها إلى دروس لا تُنسى في كرة القدم.
1. ديلا فال (لوكسمبورغ): حلم صغير أمام الكبار
يُعتبر نادي ديلا فال من لوكسمبورغ أحد أكثر الفرق التي واجهت صعوبات في تاريخ دوري الأبطال. شارك النادي في البطولة موسم 1984-1985، وخرج من الدور الأول بعد أن تلقى خسارة تاريخية أمام نادي كلوب بروج البلجيكي بنتيجة 9-0 في مجموع المباراتين.
لم ينجح الفريق في تسجيل أي هدف، وكان مستواه بعيدًا تمامًا عن المنافسة الأوروبية. ومع ذلك، بقيت مشاركته مثالًا على أن كرة القدم لا تُقاس دائمًا بالنتائج، بل بالشغف والطموح.
2. جيتيش تيرانا (ألبانيا): المشاركة دون بصمة
من الفرق التي عانت كثيرًا في البطولة أيضًا جيتيش تيرانا الألباني، الذي شارك في دوري الأبطال أكثر من مرة خلال التسعينيات وبداية الألفية الجديدة. ورغم تكرار ظهوره، إلا أن الفريق لم يحقق أي فوز يُذكر، بل كان ضيفًا دائمًا على الخروج المبكر.
في موسم 2004-2005 مثلاً، تلقى الفريق خسارة ثقيلة أمام فيرنسباروش المجري بنتيجة 6-0 في مجموع اللقاءين، لتبقى مشاركاته أشبه برحلات شرفية أكثر من كونها منافسات حقيقية.
3. تري فيوري (سان مارينو): ممثل الدولة الأصغر
سان مارينو، تلك الدولة الصغيرة في قلب أوروبا، تمتلك دوريًا محليًا شبه هواة، ومع ذلك يشارك بطلها سنويًا في التصفيات المؤهلة لدوري الأبطال.
يُعد نادي تري فيوري أحد أشهر ممثليها، لكنه أيضًا من أضعف الفرق التي شاركت على الإطلاق. ففي موسم 2009-2010 خسر أمام ليفايديا تالين الإستوني بنتيجة 1-10 في مجموع المباراتين، في واحدة من أكبر النتائج في تاريخ الدور التمهيدي.
غالبًا ما يجد تري فيوري نفسه في مواجهة فرق محترفة تمتلك ميزانيات ضخمة، مما يجعل الفوز أشبه بالمستحيل.
4. لينكولن ريد إمبس (جبل طارق): المشاركة التي صنعت العناوين
رغم كونه من أصغر أندية القارة، فإن لينكولن ريد إمبس من جبل طارق حقق لحظة مجد لا تُنسى عندما فاز على سلتيك الإسكتلندي 1-0 في 2016، في مفاجأة مدوية.
لكن هذا الفوز الاستثنائي لم يُخفِ حقيقة أن الفريق يُعتبر من الأضعف من حيث الإمكانيات. فبعد تلك المباراة، خسر في الإياب 0-3، ثم توالت نتائجه السلبية في المشاركات التالية، ليظل من الفرق التي تشارك دون طموحات حقيقية سوى الظهور المشرف.
5. فاليتا (مالطا): حضور دائم دون تأثير
نادي فاليتا المالطي يمتلك تاريخًا طويلًا في البطولات الأوروبية، لكنه لم ينجح يومًا في تجاوز الأدوار الأولى من دوري الأبطال.
في كل موسم تقريبًا، يشارك الفريق كبطل مالطا ثم يودع التصفيات بهزائم ثقيلة.
أبرزها كانت أمام ماريبور السلوفيني عام 2013 حين خسر بنتيجة 0-9 في مجموع المباراتين، ليؤكد الفجوة الكبيرة بين كرة القدم في الدول الكبرى وتلك الصغيرة.
6. فيكينغور (جزر فارو): بين العزيمة والواقعية
رغم ضعف الدوري المحلي في جزر فارو، فإن نادي فيكينغور غوروتا شارك أكثر من مرة في التصفيات التمهيدية، وكان دائمًا يخرج مبكرًا.
في موسم 2014-2015، خسر الفريق أمام هلسنكي الفنلندي بنتيجة 0-7 في مجموع المباراتين، ولم ينجح في تسجيل أي هدف.
ومع ذلك، يُحسب للفريق أنه يمثل دوريًا شبه هاوٍ بكرامة، ويحاول دومًا تقديم أداء مقبول رغم محدودية الإمكانات.
7. أندروني (أندورا): المشاركة الرمزية
فريق أندروني من إمارة أندورا الصغيرة يُعتبر من الأسماء المتكررة في الأدوار التمهيدية الأولى لدوري الأبطال.
ورغم محاولاته المستمرة، إلا أنه لم يتجاوز أي دور تمهيدي في تاريخه.
في إحدى مشاركاته، خسر أمام دينامو زغرب الكرواتي بنتيجة 10-0 في مجموع المباراتين، في نتيجة مؤلمة لكنها متوقعة لفريق يضم لاعبين هواة في مواجهة نادٍ من النخبة الأوروبية.
8. شامروك روفرز (إيرلندا): مشاركة تاريخية رغم الفشل
يُعتبر نادي شامروك روفرز من أعرق الأندية في إيرلندا، لكنه حين شارك في دوري الأبطال موسم 2011، كان واضحًا أنه غير جاهز لمستوى البطولة.
رغم فوزه في الدور التمهيدي على بارتيزان بلغراد وتأهله إلى دور المجموعات في الدوري الأوروبي، إلا أن مشاركته في الأبطال انتهت مبكرًا بنتائج ثقيلة.
تلقى الفريق أكثر من 15 هدفًا في 6 مباريات، ليخرج بنقطة وحيدة ويُثبت أن التاريخ المحلي لا يكفي لمجاراة عمالقة أوروبا.
9. زيمبرو كيشيناو (مولدوفا): الفريق الذي لم يصمد
في تسعينيات القرن الماضي، كان نادي زيمبرو كيشيناو المولدوفي يظهر بين الحين والآخر في التصفيات الأوروبية، لكنه لم يحقق أي إنجاز يُذكر.
في موسم 1999-2000 مثلاً، خسر أمام سبارتاك موسكو الروسي بنتيجة 11-1 في مجموع المباراتين، في إحدى أكبر النتائج في تاريخ البطولة.
كانت تلك المشاركة نهاية حلم المولدوف في المنافسة الأوروبية الجادة، إذ لم يتمكن الفريق بعدها من العودة لنفس المستوى.
10. أبولون ليماسول (قبرص): المشاركة التي كشفت الفارق
يُعد نادي أبولون ليماسول القبرصي من الفرق الطموحة على المستوى المحلي، لكنه لم يستطع ترك بصمة في دوري الأبطال.
في موسم 1993-1994، واجه برشلونة الإسباني وخسر بنتيجة 0-8 في مجموع المباراتين، في مواجهة أبرزت الفارق الهائل في المستوى الفني والبدني بين فرق النخبة وتلك القادمة من دوريات متواضعة.
لماذا تفشل هذه الفرق في المنافسة؟
هناك أسباب واضحة وراء ضعف تلك الفرق في دوري الأبطال، أبرزها:
1. ضعف البنية التحتية في الدوريات الصغيرة.
2. قلة الخبرة الدولية مقارنة بالأندية الأوروبية الكبرى.
3. فوارق مالية ضخمة تجعل من الصعب التعاقد مع لاعبين ذوي جودة عالية.
4. نظام البطولة نفسه الذي يجبر الأندية الصغيرة على مواجهة فرق قوية في الأدوار التمهيدية.
ورغم ذلك، يبقى لتلك الفرق دور مهم في إبقاء البطولة شاملة وتمثيلية لكل أنحاء القارة.
الجانب الإيجابي: الحلم لا يموت
ورغم كل الخسائر والأرقام السلبية، تبقى مشاركة هذه الأندية الصغيرة رمزًا للأمل في كرة القدم.
فهي تمنح جماهيرها لحظات فخر لا تُنسى، مثل فوز لينكولن على سلتيك، أو تأهل شامروك للدوري الأوروبي.
في النهاية، لا أحد يشارك في دوري الأبطال دون حلم، حتى وإن بدا مستحيل التحقيق.
من الأضعف إلى مصدر الإلهام
ربما لا تتذكر الجماهير أسماء هذه الأندية كثيرًا، لكنها تُمثل الوجه الآخر لكرة القدم الأوروبية الوجه الذي يذكّرنا بأن اللعبة ليست حكرًا على الأغنياء والأبطال فقط، بل هي أيضًا مسرحٌ للأحلام، حتى لو كانت قصيرة الأجل.
فهؤلاء الذين خسروا بعشرات الأهداف، لم يخسروا حبهم للعبة، بل كتبوا قصصًا عن الشجاعة في مواجهة المستحيل.


رأيك يهمنا عزيزى القارئ