شاهد

أكثر المنتخبات مشاركة في كأس العالم دون رفع الكأس: قصص الإصرار والألم

في عالم كرة القدم، حيث تتلاقى الأحلام بالواقع في ملعب واحد، يُعد كأس العالم لكرة القدم أبرز الفعاليات الرياضية التي تجمع شعوب الأرض كل أربع سنوات. 

منذ انطلاق النسخة الأولى في عام 1930 في أوروغواي، شارك في هذا الحدث العالمي أكثر من 80 منتخباً وطنياً، لكن فقط ثمانية منها تمكنت من رفع الكأس الذهبي. برازيل، ألمانيا، إيطاليا، الأرجنتين، فرنسا، أوروغواي، إنجلترا، وإسبانيا هي الأبطال الثمانية الذين كتبوا تاريخاً مجيداً. أما الباقون، فهم يشكلون قصصاً من الإصرار والصمود، خاصة أولئك الذين تكررت مشاركاتهم مرات عديدة دون أن يذوقوا طعم اللقب.

في هذا المقال، سنغوص في قصص أبرز هذه المنتخبات التي حققت أعلى معدلات المشاركة في كأس العالم دون الفوز به، مستندين إلى إحصائيات الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) حتى نسخة قطر 2022. سنستعرض تاريخهم، إنجازاتهم، وأسباب إخفاقاتهم، مع التركيز على كيف شكلت هذه الرحلات الطويلة هوية كرة القدم العالمية. هذه القصص ليست مجرد إحصائيات باردة؛ إنها دروس في الرياضة عن الصبر، التحدي، والأمل الذي لا ينتهي.

المكسيك: 17 مرة مشاركة، وأحلام دائماً في دور المجموعات


يتصدر المنتخب المكسيكي قائمة أكثر الفرق مشاركة دون لقب بـ17 ظهوراً في كأس العالم، وهو رقم يعكس شغف شعب المكسيك بالكرة الطائرة. بدأت رحلة "إل تْريكولور" في عام 1950، حيث شاركوا في النسخة التي استضافتها البرازيل، لكنهم انسحبوا مبكراً بعد هزائم مذلة. منذ ذلك الحين، أصبحت المكسيك "ملكة دور المجموعات"، حيث نجحت في الوصول إلى الدور الـ16 سبع مرات متتالية منذ عام 1994 حتى 2022، لكنها لم تتجاوز هذا الحاجز أبداً.

أبرز إنجازاتهم جاء في عام 1986، عندما استضافوا البطولة على أرضهم. تحت قيادة مدرب المخضرم بوروسيو فيغا، وصل المنتخب إلى ربع النهائي بعد فوز مذهل على بلغاريا 2-0، لكنه سقط أمام ألمانيا الغربية 4-1 في ركلات الترجيح بعد التعادل 1-1. كان ذلك الفريق الذي أطلق نجمة هوغو سانشيز، هداف الدوري الإسباني الشهير، الذي سجل أهدافاً حاسمة لكنه لم يتمكن من حمل الكأس. في السنوات الأخيرة، شهدت المكسيك صعوداً مع جيل "تشيلانغوس"، لكن الإخفاقات المتكررة أمام أمريكا الشمالية في التصفيات أو في مراحل الإقصاء أشعلت جدلاً حول "لعنة الدور الـ16".ما الذي يمنع المكسيك من الوصول إلى القمة؟ الخبراء يرجعون ذلك إلى الاعتماد الزائد على اللاعبين المحليين في الدوري المكسيكي، مقابل المنافسة العالمية في أوروبا. ومع ذلك، يبقى المنتخب مصدر إلهام لملايين المكسيكيين، الذين يرون في كل مشاركة فرصة لكسر الدائرة.

بلجيكا: 14 مرة، والذهب الضائع في اللحظات الأخيرة


في قلب أوروبا، يقف المنتخب البلجيكي كرمز للإمكانيات المهدورة، مع 14 مشاركة في كأس العالم دون لقب. "الشياطين الحمراء" بدأوا مشوارهم في عام 1930، لكنهم لم يعودوا إلى الواجهة إلا في السبعينيات مع جيل إيمريك جيس، الذي قادهم إلى ربع النهائي في إسبانيا 1982. هناك، خسر المنتخب أمام بولندا 0-3، لكن الأداء كان مذهلاً بفضل سرعة ومهارة لاعبيهم.القرن الحادي والعشرون شهد ازدهاراً حقيقياً لبلجيكا، التي أصبحت ثالث أفضل منتخب في تصنيف فيفا لسنوات. 

في روسيا 2018، حققوا أفضل إنجاز بوصولهم إلى نصف النهائي، حيث هزموا البرازيل 2-1 في ربع النهائي بأهداف دي بروين وهازارد، قبل أن يسقطوا أمام فرنسا 1-0 في الشوط الثاني. كان ذلك الفريق الذي جمع بين موهبة كيفن دي بروين، إيدن هازارد، وروملو لوكاكو، يُلقب بـ"الجيل الذهبي"، لكنه انهار في اللحظات الحاسمة بسبب ضعف الدفاع أو سوء التركيز.في قطر 2022، أحبط المنتخب جماهيره بخروجه المبكر من دور المجموعات بعد تعادل مع كرواتيا وخسارة أمام المغرب. اليوم، مع جيل جديد يقوده يوري تيليمانس، تبحث بلجيكا عن الإنقاذ في كأس العالم 2026، التي ستُقام في أمريكا الشمالية. قصة بلجيكا تذكرنا بأن التصنيف العالي لا يضمن اللقب؛ إنها تحتاج إلى الروح الجماعية التي غالباً ما تفتقر إليها "الشياطين".

هولندا: 11 مرة، وثلاث نهائيات مريرة


مع 11 مشاركة، يحتل المنتخب الهولندي المرتبة الثالثة في قائمة "الأكثر مشاركة دون لقب"، لكنه يبرز بـ"لعنة النهائي"، حيث وصل إلى النهائي ثلاث مرات دون فوز. "البرتقاليون" انضموا إلى البطولة في عام 1934، لكنهم حققوا شهرة عالمية في السبعينيات مع "الكرة الشاملة"، فلسفة يوهان كرويف التي اعتمدت على التمريرات القصيرة والحركة الدائمة.في ألمانيا الغربية 1974، خسر الهولندي النهائي أمام المنضيفين 1-2 بعد هدف كرويف الشهير، لكنهم كسبوا قلوب العالم. 

في الأرجنتين 1978، عادوا إلى النهائي ليخسروا 1-3 بعد الوقت الإضافي. أما في جنوب أفريقيا 2010، فقد قادهم بيرت فان مارفيك إلى النهائي أمام إسبانيا، حيث خسر 0-1 بهدف إيكر كاسياس في الدقيقة 116. كان أرسينال روبن نجماً في ذلك الفريق، لكنه لم يتمكن من كسر الإحباط.في السنوات الأخيرة، شهد الهولندي صعوداً مع جيل فيرديغو ودي يونغ، حيث وصلوا إلى ربع النهائي في 2022 قبل الخروج أمام الأرجنتين في ركلات الترجيح. أسباب إخفاقاتهم تكمن في الضغط النفسي والإصابات، لكن فلسفتهم الجميلة جعلتهم "أجمل الخاسرين" في تاريخ كأس العالم.

كوريا الجنوبية: 11 مرة، والمعجزة المفقودة

يشارك المنتخب الكوري الجنوبي الهولندي في العدد 11، وهو أحد أبرز ممثلي آسيا في البطولة. بدأ مشوارهم في عام 1954، لكنهم حققوا الشهرة العالمية في كوريا الجنوبية واليابان 2002، عندما استضافوا البطولة مع اليابان. تحت قيادة هيونغ-جينغ، وصلوا إلى نصف النهائي بعد هزيمة إيطاليا وإسبانيا في ركلات الترجيح، لكنهم خسروا أمام ألمانيا 0-1 في الشوط الإضافي، ثم انهزموا أمام تركيا في المباراة عن المركز الثالث.كان أن هيونغ هداف ذلك الفريق، الذي ألهم شعباً بأكمله. في النسخ اللاحقة، حافظوا على مشاركات منتظمة، لكنهم لم يتجاوزوا دور الـ16 إلا مرة واحدة أخرى. اليوم، مع جيل سون هيونغ-مين من توتنهام، يحلم الكوريون بكسر الإحباط في 2026، مستفيدين من تطور الدوري المحلي.

روسيا/الاتحاد السوفيتي: 11 مرة، والبرد السياسي 

مع 11 مشاركة أيضاً، يمثل المنتخب الروسي (سابقاً الاتحاد السوفيتي) قصة انتقالية. في الستينيات، وصل السوفييت إلى النهائي في إنجلترا 1966، حيث خسروا 1-2 أمام إنجلترا بهدف جيوف هيرست المثير للجدل. بعد انهيار الاتحاد، استمر المنتخب الروسي في المشاركة، لكنه لم يتجاوز دور المجموعات في النسخ الأخيرة، بما في ذلك استضافة 2018 حيث وصلوا إلى ربع النهائي.الإنجازات الرياضية اختلطت بالتحديات السياسية، لكن لاعبين مثل ألان دزاغويف يذكرون بموهبة روسية لا تنضب.

السويد ، الولايات المتحدة، وإيران: الصفوف الخلفية للإصرار

السويد (12 مرة): وصلوا إلى النهائي في 1958، خسروا أمام البرازيل 2-5، مع نجوم مثل غرينديل. اليوم، يعتمدون على إيصون زيياش.

الولايات المتحدة (11 مرة): من مشاركة 1930 إلى 2022، حقق الأمريكيون نصف نهائي في 1930، لكنهم عادوا قويين في العصر الحديث مع كلينت ديمبسي. إخفاقاتهم تعكس نمو الكرة في أمريكا.

إيران (6 مرات، لكنها في الصعود): أقل عدداً، لكن انتصاراتهم على الولايات المتحدة في 1998 ومغرب 2022 تظهر إمكانياتهم.

تعليقات