في عالم كرة القدم، يسلط الضوء دائماً على اللاعبين والمدربين باعتبارهم عناصر النجاح داخل المستطيل الأخضر. لكن هناك جانباً آخر لا يقل أهمية يقف خلف هذه الإنجازات، وهو الإدارة.
فالرؤساء الذين يقودون الأندية هم من يحددون الرؤية، يضعون الأسس، ويديرون الموارد لتحقيق الأحلام. وعلى مدار التاريخ، ظهرت أسماء استطاعت أن تبقى في منصب القيادة لفترات طويلة، سطرت خلالها أمجاداً لا تُنسى، وغيّرت من وجه كرة القدم الحديثة.
في هذا المقال نستعرض أبرز رؤساء الأندية بقاءً في منصبهم عبر التاريخ، والذين شكلوا علامات فارقة في مسيرة أنديتهم، ورسخوا اسمهم كقادة لا يُنسى دورهم في تطوير اللعبة.
1. سانتياغو بيرنابيو – أسطورة ريال مدريد
يُعد سانتياغو بيرنابيو من أعظم قادة كرة القدم في التاريخ، ليس في إسبانيا فقط بل على مستوى العالم. تولى رئاسة ريال مدريد عام 1943 واستمر حتى عام 1978، أي لمدة 35 عاماً كاملة غيرت وجه النادي الملكي إلى الأبد.
خلال حقبته:
- تأسست هوية ريال مدريد العالمية
- تم بناء ملعب يحمل اسمه اليوم “سانتياغو بيرنابيو”
- فاز النادي بـ6 بطولات دوري أبطال أوروبا في نسختها الأولى
لقد أسس بيرنابيو مشروعاً عملاقاً صنع من ريال مدريد فريقاً أسطورياً، ما جعله أحد أبرز الرؤساء الذين تركوا إرثاً خالدًا في كرة القدم.
2. هيلموت هنتزه – الاستقرار الألماني في بايرن ميونيخ
تولى هيلموت هنتزه رئاسة بايرن ميونيخ لمدة قاربت 24 عاماً من 1962 حتى 1986، وهي فترة شهد خلالها النادي نهضة هائلة على مستوى البنية الرياضية والنجاح القاري.
ساهم هنتزه في:
- تطوير أكاديمية النادي
- تعزيز الموارد المالية
- بناء قاعدة جماهيرية واسعة
وقد وضعت قيادته الأسس التي بني عليها بايرن لاحقاً ليصبح قوة كروية أوروبية لا يستهان بها.
3. جوفاني أنييلي – زعيم السيدة العجوز
رجل الأعمال الإيطالي الشهير ورئيس مجموعة فيات، تولى قيادة يوفنتوس لفترة تمتد نحو 19 عاماً. وبفضله، أصبح النادي من أقوى أندية أوروبا، وشهدت الإدارة استثمارات ضخمة جذبت أفضل النجوم إلى تورينو.
في عهده:
- نال يوفنتوس ألقاباً محلية متتالية
- حقق بطولة دوري أبطال أوروبا لأول مرة
- أصبح النادي رمزاً للهوية الإيطالية
أنييلي كان مثالاً للرئيس الذي يجمع بين الإدارة الحديثة والعشق لكرة القدم.
4. فريدي شيبارد – الاستقرار والعاطفة في نيوكاسل
رغم أن مدة رئاسته قاربت فقط 10 سنوات (1997–2007)، إلا أن شيبارد يُعتبر من أكثر الرؤساء تأثيراً واستمرارية في كرة القدم الإنجليزية الحديثة لنادي نيوكاسل يونايتد. فقد حقق توازناً بين الجانب الاقتصادي والطموح الرياضي، وجلب لاعبين كباراً مثل آلان شيرار.
وقد بقي في الذاكرة لأنه:
- حافظ على مكانة النادي في الدوري الإنجليزي الممتاز
- دعم جمهور نيوكاسل بشكل واسع
- كان يمثل مشاعر المشجعين على أرض الواقع
5. فلورنتينو بيريز – مشروع الجلاكتيكوس في ريال مدريد
- الأولى: 2000–2006
- الثانية: من 2009 حتى اليوم
وبذلك تجاوز مجموع سنوات قيادته 18 عاماً ومازال مستمراً في صنع التاريخ.
ماذا حقق بيريز؟
- مشروع “الجلاكتيكوس” الذي ضم نجوم مثل زيدان، رونالدو، فيغو
- تجديد ملعب سانتياغو بيرنابيو
- السيطرة على دوري أبطال أوروبا في العقد الأخير
إنه رئيس لا يعرف المستحيل، وصانع نجاح متكرر.
6. جين لابورتا – إدارة شغوفة في برشلونة
وبالرغم من اختلاف فترتيه، فإن مجموع سنوات إدارته قرابة 12 عاماً، ترك خلالها بصمة واضحة في:
- تطوير هيكلة الأكاديمية “لاماسيا”
- إنشاء فريق يعتبر من الأفضل في تاريخ كرة القدم
- استعادة الهوية الهجومية للنادي
7. بيير إيميه – استقرار ليون الفرنسي
تولى رئاسة نادي ليون لمدة 20 عاماً تقريباً، شهد خلالها النادي تتويجه بسبعة ألقاب دوري متتالية بين 2002 و2008، ليصبح أحد أقوى الأندية في فرنسا أوروبياً ومحلياً.
من إنجازاته:
- الاهتمام بالبنية التحتية
- الاستثمار في المواهب المحلية
- حضور قوي بدوري أبطال أوروبا
دور رؤساء الأندية في استدامة النجاح
إن بقاء الرؤساء لفترات طويلة لا يأتي صدفة، بل يعود إلى:
- الاستقرار الإداري
- القدرة على إدارة الأزمات
- التخطيط طويل المدى
- الاحترافية في التعامل مع الجوانب المالية
فالرئيس الناجح هو حجر الأساس لأي مشروع كروي يصمد عبر الزمن، ويحافظ على الهوية الرياضية للنادي مهما تغيرت الأجيال.
قيادة تصنع الأمجاد
إن كرة القدم ليست فقط مباريات ونتائج، بل هي مؤسسات ضخمة تحتاج إلى رجال قادرين على اتخاذ القرارات السليمة في الوقت المناسب. والرؤساء الذين تحدثنا عنهم، هم أمثلة على قيادات صنعت التاريخ، وتركت إرثًا من البطولات والمشاريع التي لا تُنسى.
وفي النهاية، يبقى السؤال؟
هل سنشهد مستقبلاً رؤساء جدد قادرين على البقاء طويلاً وصناعة أمجاد جديدة؟ أم أن العصر الحديث سيجعل من الاستقرار الإداري رفاهية نادرة؟ ما هو مؤكد أن تاريخ كرة القدم سيظل يتذكر هؤلاء القادة الذين صنعوا المجد الكروي بأيديهم.



رأيك يهمنا عزيزى القارئ