أكثر اللاعبين ترشحًا لجائزة الكرة الذهبية دون الفوز بها: أساطير لم تُتوج
تُعد جائزة الكرة الذهبية (Ballon d’Or)، التي تمنحها مجلة "فرانس فوتبول" الفرنسية منذ عام 1956، واحدة من أعرق الجوائز الفردية في عالم كرة القدم. تُكرم هذه الجائزة أفضل لاعب في العالم بناءً على تصويت الصحفيين المختصين، وفي بعض الفترات، قادة المنتخبات والمدربين.
على مر التاريخ، هيمن نجوم مثل ليونيل ميسي (8 مرات) وكريستيانو رونالدو (5 مرات) على الجائزة، لكن هناك لاعبين آخرين تألقوا باستمرار، وترشحوا مرات عديدة، لكنهم لم يحظوا بشرف الفوز بها. في هذا المقال، نستعرض أبرز اللاعبين الذين ترشحوا للكرة الذهبية دون أن يفوزوا بها، مع تسليط الضوء على إسهاماتهم وأسباب إغفال هذه الجائزة عنهم.
1. باولو مالديني: الأسطورة الإيطالية (13 ترشيحًا)
يُعتبر باولو مالديني، أيقونة نادي ميلان والمنتخب الإيطالي، أكثر اللاعبين ترشحًا للكرة الذهبية دون الفوز بها، حيث ترشح 13 مرة بين عامي 1987 و2003. كان مالديني رمزًا للدفاع المثالي، حيث جمع بين الأناقة، القوة، والذكاء التكتيكي. حقق مع ميلان 7 ألقاب في الدوري الإيطالي و5 بطولات دوري أبطال أوروبا، وساهم في وصول إيطاليا إلى نهائي كأس العالم 1994 وكأس أوروبا 2000.
لماذا لم يفز؟ رغم تألقه، كان مالديني يعاني من المنافسة الشرسة في عصره، حيث هيمن لاعبو الهجوم مثل ماركو فان باستن، رونالدو، وزين الدين زيدان على الجائزة. كما أن مركز الدفاع غالبًا ما يُهمل في الجوائز الفردية مقارنة بالمهاجمين وصانعي الألعاب. احتل مالديني المركز الثالث عامي 1994 و2003، لكنه لم يتمكن من التتويج.
2. تييري هنري: ملك السرعة والأهداف (10 ترشيحات)
تييري هنري، نجم أرسنال والمنتخب الفرنسي، ترشح للكرة الذهبية 10 مرات بين عامي 2000 و2010. يُعد هنري أحد أعظم المهاجمين في تاريخ الدوري الإنجليزي، حيث قاد أرسنال للقب الدوري دون هزيمة في موسم 2003-2004، وحقق الحذاء الذهبي الأوروبي مرتين (2004، 2005). على المستوى الدولي، فاز بكأس العالم 1998 وكأس أوروبا 2000. اشتهر هنري بسرعته، مهارته في التسجيل، وأهدافه الأنيقة.
لماذا لم يفز؟ واجه هنري منافسة قوية من ميسي، رونالدو، رونالدينيو، وكاكا خلال ذروته. في عام 2003، احتل المركز الثاني خلف بافيل نيدفيد، وهو العام الذي اعتبره الكثيرون ظلمًا له بسبب أدائه الاستثنائي. افتقار أرسنال للألقاب الأوروبية الكبرى خلال فترته قلل من فرص فوزه مقارنة بنجوم أندية مثل برشلونة وريال مدريد.
3. زلاتان إبراهيموفيتش: العملاق السويدي (11 ترشيحًا)
زلاتان إبراهيموفيتش، أحد أكثر اللاعبين كاريزما في التاريخ، ترشح للكرة الذهبية 11 مرة بين عامي 2003 و2016. تألق زلاتان مع أندية مثل يوفنتوس، إنتر ميلان، برشلونة، ميلان، باريس سان جيرمان، ومانشستر يونايتد، حيث فاز بـ12 لقبًا في الدوريات الأوروبية. اشتهر بأهدافه الخيالية، قوته البدنية، وثقته العالية. في عام 2013، احتل المركز الرابع بفضل أدائه المذهل مع باريس سان جيرمان.
لماذا لم يفز؟ تزامنت ذروة زلاتان مع هيمنة ميسي ورونالدو، اللذين سيطرا على الجائزة بين 2008 و2018. كما أن افتقار السويد للنجاحات الدولية الكبرى وغياب زلاتان عن دوري أبطال أوروبا في مراحل متقدمة قلل من حظوظه. رغم ذلك، يظل زلاتان رمزًا للعب الاستعراضي والإبداع.
4. روبرت ليفاندوفسكي: الهداف البولندي (9 ترشيحات)
روبرت ليفاندوفسكي، نجم بايرن ميونيخ وبرشلونة، ترشح 9 مرات للكرة الذهبية، وكان قريبًا جدًا من الفوز بها. في موسم 2019-2020، قاد ليفاندوفسكي بايرن لتحقيق الثلاثية (الدوري الألماني، كأس ألمانيا، دوري أبطال أوروبا)، وسجل 55 هدفًا في 47 مباراة، لكن الجائزة أُلغيت بسبب جائحة كورونا. احتل المركز الثاني عام 2021 خلف ميسي، رغم تسجيله 41 هدفًا في الدوري الألماني، محطمًا الرقم القياسي لغيرد مولر.
لماذا لم يفز؟ إلغاء الجائزة في 2020 كان بمثابة ظلم كبير لليفاندوفسكي، الذي كان المرشح الأوفر حظًا. في 2021، تفوق ميسي بفضل قيادته الأرجنتين لكأس كوبا أمريكا، رغم أرقام ليفاندوفسكي التهديفية المذهلة. يُعد ليفاندوفسكي من أكثر اللاعبين الذين أثار إغفالهم الجدل.
5. فرانك ريبيري: الساحر الفرنسي (8 ترشيحات)
فرانك ريبيري، نجم بايرن ميونيخ، ترشح 8 مرات للكرة الذهبية بين 2007 و2015. في موسم 2012-2013، قاد ريبيري بايرن لتحقيق الثلاثية، وسجل 11 هدفًا وقدم 23 تمريرة حاسمة. احتل المركز الثالث عام 2013 خلف ميسي ورونالدو، وهو قرار أثار استياء جماهير بايرن، حيث كان ريبيري العنصر الأساسي في نجاح الفريق.
لماذا لم يفز؟ هيمنة ميسي ورونالدو حالت دون فوز ريبيري، خاصة في 2013 عندما كان رونالدو يتألق مع ريال مدريد. كما أن تركيز الجائزة على الأرقام التهديفية قلل من فرص لاعبي خط الوسط مثل ريبيري، رغم دوره القيادي.
6. أندريس إنييستا: المايسترو الإسباني (9 ترشيحات)
أندريس إنييستا، أحد أعظم لاعبي خط الوسط في التاريخ، ترشح 9 مرات بين 2007 و2016. قاد إنييستا برشلونة لتحقيق العديد من الألقاب، بما في ذلك 4 بطولات دوري أبطال أوروبا، وسجل هدف الفوز لإسبانيا في نهائي كأس العالم 2010. احتل المركز الثاني عام 2010 خلف زميله ميسي، رغم دوره الكبير في نجاحات برشلونة وإسبانيا.
لماذا لم يفز؟ كان إنييستا ضحية هيمنة ميسي، حيث كان الأخير يحطم الأرقام التهديفية. كما أن أسلوب إنييستا الهادئ وتركيزه على اللعب الجماعي جعل تأثيره أقل لفتًا للأنظار مقارنة بالمهاجمين.
7. راؤول غونزاليس: أسطورة ريال مدريد (7 ترشيحات)
راوول غونزاليس، رمز ريال مدريد، ترشح 7 مرات بين 2000 و2007. سجل 323 هدفًا مع ريال مدريد، وقاد الفريق لتحقيق 6 ألقاب في الدوري الإسباني و3 بطولات دوري أبطال أوروبا. اشتهر راوول بأهدافه الحاسمة وقيادته داخل الملعب.
لماذا لم يفز؟ واجه راوول منافسة قوية من نجوم مثل زيدان، رونالدو البرازيلي، وفيغو خلال ذروته. كما أن افتقار إسبانيا للنجاحات الدولية في تلك الفترة قلل من حظوظه.
8. أوليفر كان: العملاق الألماني (6 ترشيحات)
أوليفر كان، أحد أعظم حراس المرمى في التاريخ، ترشح 6 مرات بين 1999 و2004. قاد بايرن ميونيخ للفوز بدوري أبطال أوروبا 2001، وحصل على جائزة أفضل لاعب في كأس العالم 2002. احتل المركز الثالث عامي 2001 و2002.
لماذا لم يفز؟ كان من النادر أن يفوز حارس مرمى بالجائزة، حيث فاز ليف ياشين فقط عام 1963. منافسة نجوم مثل زيدان ورونالدو البرازيلي جعلت فوز كان مستحيلًا، رغم أدائه الأسطوري.
9. نيمار دا سيلفا: البرازيلي الموهوب (8 ترشيحات)
نيمار، نجم برشلونة وباريس سان جيرمان، ترشح 8 مرات بين 2011 و2019. قاد برشلونة لتحقيق الثلاثية عام 2015، وسجل العديد من الأهداف الرائعة. احتل المركز الثالث عامي 2015 و2017.
لماذا لم يفز؟ تزامنت ذروة نيمار مع هيمنة ميسي ورونالدو. كما أن إصاباته المتكررة وتركيزه على الأداء الفردي أحيانًا قللا من تأثيره في الجوائز الكبرى.
10. أنطوان غريزمان: نجم الأتلتيكو (6 ترشيحات)
أنطوان غريزمان، نجم أتلتيكو مدريد وبرشلونة، ترشح 6 مرات بين 2016 و2019. قاد فرنسا للفوز بكأس العالم 2018، وكان نجم أتلتيكو في نهائي دوري أبطال أوروبا 2016. احتل المركز الثالث عامي 2016 و2018.
لماذا لم يفز؟ واجه غريزمان منافسة شرسة من ميسي، رونالدو، ومودريتش. كما أن افتقار أتلتيكو للألقاب الأوروبية الكبرى قلل من فرص فوزه.
العوامل التي أثرت على عدم فوزهم
1. هيمنة ميسي ورونالدو: بين 2008 و2018، فاز ميسي ورونالدو بالجائزة 10 مرات، مما جعل الفوز لغيرهم شبه مستحيل.
2. مركز اللعب: المدافعون (مثل مالديني) وحراس المرمى (مثل كان) غالبًا ما يُهملون لصالح المهاجمين وصانعي الألعاب.
3. النجاحات الدولية: اللاعبون الذين لم يحققوا بطولات كبرى مع منتخباتهم، مثل زلاتان وراوول، واجهوا صعوبة في التتويج.
4. المنافسة الشرسة: عصور هؤلاء اللاعبين شهدت وجود نجوم استثنائيين، مما قلل من فرصهم.
الجدل حول إلغاء الجائزة في 2020
إلغاء الكرة الذهبية عام 2020 بسبب جائحة كورونا أثار جدلاً واسعًا، خاصة بالنسبة لليفاندوفسكي، الذي كان المرشح الأوفر حظًا. هذا القرار اعتُبر ظلمًا من قبل الكثيرين، حيث كان ليفاندوفسكي في ذروة تألقه.
أساطير دون تتويج
رغم عدم فوزهم بالكرة الذهبية، إلا أن هؤلاء اللاعبين تركوا بصمات لا تُمحى في تاريخ كرة القدم. باولو مالديني أعاد تعريف الدفاع، تييري هنري ألهم جيلًا من المهاجمين، وزلاتان إبراهيموفيتش أضاف لمسة فنية لا تُنسى. هؤلاء اللاعبون، بترشيحاتهم المتكررة، يثبتون أن التميز لا يُقاس فقط بالجوائز، بل بالإرث الذي يتركونه في قلوب الجماهير. مع ظهور جيل جديد من النجوم مثل هالاند ومبابي، يبقى السؤال: هل سينضم آخرون إلى قائمة "الأساطير دون كرة ذهبية" في المستقبل؟