أكثر اللاعبين مشاركة في مباريات كأس العالم: أساطير كرة القدم التي حفرت أسماءها في التاريخ
تُعد بطولة كأس العالم لكرة القدم الحدث الرياضي الأكثر شهرة ومتابعة على مستوى العالم، حيث تجتمع فيه أفضل المنتخبات واللاعبين للتنافس على اللقب الأغلى في عالم الساحرة المستديرة.
منذ انطلاق النسخة الأولى عام 1930 في الأوروغواي، شهدت البطولة العديد من الإنجازات التي خلّدت أسماء لاعبين استثنائيين، سواء بتسجيلهم للأهداف أو بقيادتهم لفرقهم نحو المجد. لكن هناك فئة خاصة من اللاعبين تميّزت بعدد مشاركاتها اللافتة في مباريات كأس العالم، مما يعكس الثبات والتفاني على مدار سنوات طويلة. في هذا المقال، سنستعرض أبرز هؤلاء اللاعبين، مع تسليط الضوء على إنجازاتهم ودورهم في كتابة تاريخ هذه البطولة العريقة.
ليونيل ميسي: الرقم القياسي العالمي
يتصدر النجم الأرجنتيني ليونيل ميسي قائمة اللاعبين الأكثر مشاركة في مباريات كأس العالم برصيد 26 مباراة، محققًا هذا الإنجاز في خمس نسخ من البطولة (2006، 2010، 2014، 2018، 2022). ميسي، الذي يُعتبر أحد أعظم اللاعبين في تاريخ كرة القدم، لم يكتفِ بكسر رقم الألماني لوثار ماتيوس (25 مباراة) في مونديال قطر 2022، بل قاد الأرجنتين للفوز باللقب في تلك النسخة، محطمًا بذلك عقدة طويلة من عدم التتويج. ميسي لم يكن مجرد مشارك في المباريات، بل كان العمود الفقري لمنتخب بلاده، حيث سجل أهدافًا حاسمة وصنع العديد من الفرص، مما جعله رمزًا للإصرار والموهبة.
لوثار ماتيوس: الأسطورة الألمانية
لطالما كان لوثار ماتيوس رمزًا للثبات في كأس العالم، حيث شارك في 25 مباراة خلال خمس نسخ (1982، 1986، 1990، 1994، 1998). ماتيوس، لاعب خط الوسط الديناميكي، قاد ألمانيا للفوز بكأس العالم 1990 كقائد، وكان مثالًا للقيادة والمرونة التكتيكية. تنوعت أدواره بين الهجوم والدفاع، مما سمح له بالبقاء فعالًا على مدار عقدين تقريبًا. يُعد ماتيوس واحدًا من ثلاثة لاعبين فقط شاركوا في خمس نسخ من البطولة، مما يبرز مدى التزامه وطول مسيرته الدولية.
ميروسلاف كلوزه: الهداف التاريخي
يأتي المهاجم الألماني ميروسلاف كلوزه في المركز الثالث برصيد 24 مباراة في أربع نسخ (2002، 2006، 2010، 2014). كلوزه ليس فقط واحدًا من الأكثر مشاركة، بل هو أيضًا الهداف التاريخي لكأس العالم برصيد 16 هدفًا، متجاوزًا الرقم القياسي السابق للبرازيلي رونالدو. ساهم كلوزه في تتويج ألمانيا بلقب 2014، حيث كان هدافًا لا يشق له غبار، معتمدًا على ذكائه في التمركز وقوته في إنهاء الهجمات.
لاعبون في خمس نسخ: نادي النخبة
بالإضافة إلى ميسي وماتيوس، هناك لاعبون آخرون انضموا إلى نادي النخبة الذين شاركوا في خمس نسخ من كأس العالم، مما يعكس طول مسيرتهم الدولية وتفانيهم. من بينهم:
أنطونيو كارباخال (المكسيك): حارس المرمى الأسطوري الذي شارك في خمس نسخ (1950، 1954، 1958، 1962، 1966)، وهو أول لاعب في التاريخ يحقق هذا الإنجاز. شارك كارباخال في 11 مباراة فقط بسبب خروج المكسيك المبكر في معظم النسخ، لكنه يبقى رمزًا للثبات.
رافاييل ماركيز (المكسيك): المدافع المكسيكي الذي شارك في خمس نسخ (2002، 2006، 2010، 2014، 2018) وسجل 19 مباراة. ماركيز كان قائدًا استثنائيًا، وتميز بالهدوء والذكاء الدفاعي.
كريستيانو رونالدو (البرتغال): النجم البرتغالي شارك في خمس نسخ (2006، 2010، 2014، 2018، 2022) وسجل 22 مباراة. رونالدو، الذي يُعتبر أحد أعظم الهدافين في التاريخ، سجل 8 أهداف في كأس العالم، ويظل طموحه قائمًا لتحقيق المزيد في المستقبل.
جيانلويجي بوفون (إيطاليا): حارس المرمى الأسطوري شارك في خمس نسخ (1998، 2002، 2006، 2010، 2014)، لكنه لعب 14 مباراة فقط بسبب عدم مشاركته في بعض النسخ كحارس أساسي. بوفون قاد إيطاليا للقب في 2006.
أندريس غواردادو (المكسيك): لاعب خط الوسط الذي شارك في خمس نسخ (2006، 2010، 2014، 2018، 2022) وسجل 12 مباراة. غواردادو يُعد رمزًا للمنتخب المكسيكي بفضل التزامه وروحه القتالية.
غييرمو أوتشوا (المكسيك): حارس مرمى آخر من المكسيك شارك في خمس نسخ (2006، 2010، 2014، 2018، 2022)، واشتهر بتصدياته المذهلة رغم محدودية تقدم المكسيك في البطولة.
لماذا تُعد المشاركة في خمس نسخ إنجازًا استثنائيًا؟
المشاركة في خمس نسخ من كأس العالم تتطلب مزيجًا نادرًا من اللياقة البدنية، الاستمرارية، والأداء المتميز على مدار ما يقرب من عقدين. هؤلاء اللاعبون لم يتمكنوا فقط من الحفاظ على مستواهم العالي، بل استطاعوا أيضًا أن يكونوا جزءًا من منتخبات بلادهم في فترات متتالية، وهو أمر يعكس ثقة المدربين بهم وقدرتهم على التأقلم مع التغيرات التكتيكية والمنافسة المتزايدة.
أرقام قياسية أخرى مرتبطة بالمشاركة
أكبر لاعب شارك في كأس العالم: الحارس المصري عصام الحضري، الذي شارك في مونديال 2018 بعمر 45 عامًا و161 يومًا، محطمًا الرقم القياسي السابق للكولومبي فريد موندراجون.
أصغر لاعب فاز باللقب: البرازيلي بيليه، الذي كان عمره 17 عامًا و249 يومًا عندما فاز بكأس العالم 1958.
أكبر لاعب فاز باللقب: الإيطالي دينو زوف، الذي كان عمره 40 عامًا في كأس العالم 1982.
تأثير هؤلاء اللاعبين على كأس العالم
اللاعبون الأكثر مشاركة في كأس العالم ليسوا مجرد أرقام في سجل البطولة، بل هم أبطال ساهموا في تشكيل هويتها. ميسي وماتيوس قدموا عروضًا استثنائية قادت منتخباتهما إلى التتويج، بينما كلوزه أعاد تعريف دور المهاجم بذكائه وفعاليته. من جهة أخرى، لاعبون مثل كارباخال وماركيز أظهروا أن الثبات والالتزام يمكن أن يكونا بنفس أهمية الموهبة، حتى لو لم يصلا إلى الأدوار النهائية.
كأس العالم 2026: من سيكون التالي؟
مع اقتراب كأس العالم 2026، التي ستقام في الولايات المتحدة وكندا والمكسيك، يترقب عشاق كرة القدم ما إذا كان هناك لاعبون جدد سيحطمون الأرقام القياسية أو ينضمون إلى قائمة النخبة. كريستيانو رونالدو، على سبيل المثال، قد يواصل مسيرته ويصبح أحد اللاعبين الأكثر مشاركة إذا شارك في النسخة القادمة. كما أن جيلًا جديدًا من النجوم مثل كيليان مبابي وإيرلينغ هالاند قد يكون له دور بارز في كتابة فصول جديدة في تاريخ البطولة.
تظل كأس العالم منصة فريدة تُبرز فيها الأساطير قدراتهم، وتُعد المشاركة في مبارياتها شرفًا عظيمًا. لاعبون مثل ليونيل ميسي، لوثار ماتيوس، وميروسلاف كلوزه، إلى جانب أساطير مثل كارباخال وبوفون، لم يتركوا بصماتهم فقط من خلال الأرقام، بل من خلال إلهامهم لأجيال من اللاعبين والجماهير. إن إرثهم في كأس العالم سيظل خالدًا، ليس فقط كأرقام قياسية، بل كقصص عن الإصرار، الموهبة، والعاطفة التي تجسد جوهر كرة القدم.