المنتخبات التي شاركت في كأس العالم مرة واحدة فقط عبر التاريخ
تُعد بطولة كأس العالم لكرة القدم الحدث الرياضي الأبرز على مستوى العالم، حيث تجمع أفضل المنتخبات الوطنية من مختلف القارات للتنافس على اللقب الأغلى .
منذ انطلاق البطولة عام 1930 في الأوروغواي، شهدت مشاركة العديد من المنتخبات، بعضها أصبح أيقونة في عالم كرة القدم مثل البرازيل وألمانيا، بينما شاركت منتخبات أخرى مرة واحدة فقط، تاركة بصمة تاريخية قد تكون متواضعة أو لافتة. في هذا المقال، نستعرض المنتخبات التي شاركت في كأس العالم مرة واحدة فقط عبر التاريخ، مع تسليط الضوء على ظروف مشاركتها، إنجازاتها، والتحديات التي واجهتها .
عدد المنتخبات ذات المشاركة الواحدة
حتى نسخة كأس العالم 2022 في قطر، شارك ما يقرب من 79 منتخبًا وطنيًا في البطولة عبر تاريخها الطويل. من بين هذه المنتخبات، هناك حوالي 21 منتخبًا شاركوا مرة واحدة فقط، وهو رقم يعكس صعوبة التأهل إلى هذه البطولة العريقة، خاصة بالنسبة للدول الصغيرة أو تلك التي لا تمتلك تقليدًا كرويًا قويًا. هذه المنتخبات تنتمي إلى قارات مختلفة، وتتراوح قصصها بين المفاجآت الكروية والمشاركات الرمزية التي عكست طموح دول بأكملها.
قائمة المنتخبات ذات المشاركة الواحدة
فيما يلي قائمة بأبرز المنتخبات التي شاركت مرة واحدة فقط في كأس العالم، مع لمحة عن مشاركتها وأبرز إنجازاتها أو التحديات التي واجهتها:
كوبا (1938)
شاركت كوبا في كأس العالم عام 1938 في فرنسا، وهي المشاركة الوحيدة لها حتى الآن. كانت كوبا آنذاك واحدة من الدول القليلة في أمريكا اللاتينية التي تمتلك شغفًا كبيرًا بكرة القدم. في تلك البطولة، حققت كوبا إنجازًا لافتًا بالوصول إلى ربع النهائي، حيث تعادلت مع رومانيا 3-3 قبل أن تهزمها في مباراة الإعادة بنتيجة 2-1. لكنها خسرت أمام السويد في ربع النهائي بنتيجة 8-0. هذه المشاركة تعكس الروح التنافسية لكوبا رغم غيابها عن البطولة منذ ذلك الحين بسبب التحديات السياسية والاقتصادية.
إندونيسيا (1938، تحت اسم جزر الهند الشرقية الهولندية)
كانت إندونيسيا، التي شاركت تحت اسم جزر الهند الشرقية الهولندية، أول منتخب آسيوي يظهر في كأس العالم عام 1938. لكن مشاركتها كانت قصيرة، حيث خسرت أمام المجر بنتيجة 6-0 في الدور الأول. هذه المشاركة تُعد رمزية، حيث جاءت في وقت كانت فيه كرة القدم في آسيا لا تزال في بداياتها.
الكونغو الديمقراطية (1974، تحت اسم زائير)
كانت زائير أول منتخب من إفريقيا جنوب الصحراء يتأهل إلى كأس العالم عام 1974 في ألمانيا الغربية. لكن المشاركة كانت مخيبة للآمال، حيث خسرت زائير جميع مبارياتها، بما في ذلك هزيمة قاسية أمام يوغوسلافيا بنتيجة 9-0. رغم ذلك، كانت هذه المشاركة لحظة تاريخية لكرة القدم الإفريقية.
العراق (1986)
شارك العراق في كأس العالم عام 1986 في المكسيك، وهي المشاركة الوحيدة له حتى الآن. واجه المنتخب العراقي تحديات كبيرة، حيث خسر جميع مبارياته في المجموعة أمام باراغواي (1-0)، بلجيكا (2-1)، والمكسيك (1-0). رغم الخسارة، كانت المشاركة مصدر فخر وطني في ظل الظروف السياسية الصعبة التي كانت تمر بها البلاد.
الكويت (1982)
تأهلت الكويت إلى كأس العالم 1982 في إسبانيا، وهي إحدى المشاركات العربية القليلة في البطولة. تعادلت الكويت مع تشيكوسلوفاكيا 1-1 في مباراة تاريخية، لكنها خسرت أمام فرنسا (4-1) وإنجلترا (1-0). هذه المشاركة عززت مكانة الكويت كواحدة من القوى الكروية في الخليج آنذاك.
الإمارات العربية المتحدة (1990)
شاركت الإمارات في كأس العالم 1990 في إيطاليا، لكنها واجهت صعوبات كبيرة، حيث خسرت جميع مبارياتها أمام كولومبيا (2-0)، ألمانيا الغربية (5-1)، ويوغوسلافيا (4-1). رغم النتائج، كانت المشاركة إنجازًا كبيرًا لدولة صغيرة كرويًا.
توغو (2006)
تأهلت توغو إلى كأس العالم 2006 في ألمانيا، لكنها لم تحقق أي انتصار، حيث خسرت أمام كوريا الجنوبية (2-1)، سويسرا (2-0)، وفرنسا (2-0). كانت هذه المشاركة بمثابة إنجاز لدولة صغيرة في غرب إفريقيا.
قطر (2022)
كانت قطر المنتخب الوحيد الذي شارك لأول مرة في كأس العالم 2022، كونها البلد المضيف. لكن أداءها كان مخيبًا، حيث خسرت جميع مبارياتها في المجموعة أمام الإكوادور (2-0)، السنغال (3-1)، وهولندا (2-0). رغم ذلك، كانت المشاركة رمزية كونها أول دولة عربية تستضيف البطولة.
منتخبات أخرى شاركت مرة واحدة
تشمل القائمة أيضًا منتخبات مثل :
هايتي (1974) : خسرت جميع مبارياتها، لكنها سجلت هدفًا تاريخيًا أمام إيطاليا.
أنغولا (2006) : حققت تعادلًا مع إيران، لكنها لم تتقدم في البطولة.
ترينيداد وتوباغو (2006) : حققت تعادلًا مع السويد، وهو إنجاز لافت.
جامايكا (1998) : فازت على اليابان، لكنها لم تتجاوز دور المجموعات.
الصين (2002) : خسرت جميع مبارياتها دون تسجيل أي هدف.
لماذا تكون المشاركة الوحيدة تحديًا ؟
هناك عدة أسباب تجعل هذه المنتخبات لم تتمكن من العودة إلى كأس العالم بعد مشاركتها الوحيدة :
البنية التحتية الكروية المحدودة : العديد من هذه الدول، مثل توغو وهايتي، تعاني من نقص الموارد المالية والتدريبية لتطوير كرة القدم على المدى الطويل.
المنافسة القوية : التأهل إلى كأس العالم يتطلب منافسة منتخبات قوية في تصفيات القارات، وهو أمر صعب بالنسبة للدول الصغيرة.
الظروف السياسية والاقتصادية : دول مثل العراق وزائير واجهت تحديات سياسية واجتماعية أثرت على استمرارية تطور كرة القدم لديها.
قلة الخبرة الدولية : المشاركة الأولى غالبًا ما تكون تجربة تعليمية، لكن نقص الخبرة يجعل تحقيق نتائج إيجابية صعبًا.
إنجازات لافتة رغم المشاركة الواحدة
رغم أن معظم هذه المنتخبات لم تحقق نتائج كبيرة، إلا أن بعضها ترك بصمة لا تُنسى :
كوبا (1938) : وصولها إلى ربع النهائي يُعد إنجازًا كبيرًا في تلك الفترة.
جامايكا (1998) : فوزها على اليابان كان مفاجأة سارة.
ترينيداد وتوباغو (2006) : تعادلها مع السويد أظهر روحًا قتالية.
التأثير الثقافي والاجتماعي
مشاركة هذه المنتخبات، حتى لو كانت لمرة واحدة، كان لها تأثير كبير على شعوبها. ففي دول مثل الكويت والإمارات، عززت المشاركة الشعور بالفخر الوطني وألهمت أجيالًا جديدة من اللاعبين. كما أن استضافة قطر لكأس العالم 2022، رغم أدائها المتواضع، فتحت الباب أمام تطوير كرة القدم في المنطقة العربية.
المنتخبات التي شاركت في كأس العالم مرة واحدة فقط هي جزء لا يتجزأ من تاريخ هذه البطولة العريقة. قصصها تتراوح بين الإنجازات المذهلة والتحديات الكبيرة، لكنها جميعًا تُظهر الشغف العالمي بكرة القدم. من كوبا في ثلاثينيات القرن الماضي إلى قطر في 2022، هذه المنتخبات تُثبت أن التأهل إلى كأس العالم، حتى لو لمرة واحدة، هو إنجاز يستحق الاحتفاء. مع استمرار تطور كرة القدم عالميًا، قد نشهد عودة بعض هذه المنتخبات في المستقبل، أو ظهور منتخبات جديدة تضيف فصولًا جديدة إلى هذا التاريخ المثير.