تُعد جائزة الكرة الذهبية من أرفع الجوائز الفردية في عالم كرة القدم، وقد ارتبطت دائمًا بأسماء أسطورية استطاعت أن تترك بصمتها في عام واحد بشكل استثنائي.
في هذا المقال نستعرض أبرز اللاعبين الذين فازوا بالكرة الذهبية مرة واحدة، مع تحليل مسيرتهم وموسم التتويج، وكيف استطاع كل منهم أن يصل إلى قمة كرة القدم العالمية.
ماذا يعني الفوز بالكرة الذهبية مرة واحدة؟
الفوز بالكرة الذهبية مرة واحدة لا يقل قيمة أو تأثيرًا عن الفوز المتكرر. أحيانًا يكون اللاعب في ذروة مستواه في موسم معين، ليقدّم أداءً استثنائيًا يخطف الأنظار. وفي حالات أخرى، يساهم اللاعب في إنجاز جماعي ضخم يمنحه الأفضلية في التصويت. ولذلك، تُعتبر قائمة الفائزين مرة واحدة سجلًا لتاريخ المواسم الذهبية التي لا تُنسى.
أولاً: اللاعبون من الجيل الكلاسيكي
ستانلي ماثيوس – أول الفائزين (1956)
يُعد ستانلي ماثيوس أول لاعب في التاريخ يحقق الكرة الذهبية. فاز بها عام 1956 بفضل أسلوب لعبه الساحر مع بلاكبول ومنتخب إنجلترا. كان ماثيوس رمزًا للثقافة الإنجليزية التقليدية، واعتمد على المراوغة والسرعة وقدرته الفريدة على صناعة الفارق من الجناح الأيمن. وبينما لم يحقق الجائزة مرة أخرى، كان فوزه الأول تأسيسًا لحقبة جديدة في تقدير المواهب الفردية.
ريموند كوبا – نجم ريال مدريد (1958)
برغم مشاركته في أحد أعظم فرق التاريخ، "الريال العظيم" الذي ضم دي ستيفانو وبوشكاش، إلا أن كوبا استطاع أن يفرض نفسه ويفوز بالكرة الذهبية عام 1958. لعب دورًا مهمًا في بطولات ريال مدريد الأوروبية، وتميّز بأسلوبه السلس ومهاراته الفنية العالية.
عمر سيبو (1959) – موهبة فرنسية منسية
رغم أن اسمه ليس مشهورًا اليوم مثل لاعبين آخرين، إلا أن سيبو كان نجمًا لفرنسا في الخمسينيات وقدّم موسمًا استثنائيًا عام 1959. تميّز بالرؤية الميدانية والتمريرات الحاسمة، وكان من أوائل صناع اللعب في تاريخ الكرة الأوروبية.
ثانياً: الجيل الذهبي في الستينيات والسبعينيات
لويس سواريز ميراندا – الإسباني الوحيد المتوج (1960)
فاز لويس سواريز بالكرة الذهبية عام 1960، ليصبح أول وآخر لاعب إسباني (قبل حقبة أنسو فاتي وجافي) يفوز بالجائزة بصفتها فردية قبل دمجها مع الفيفا. اشتهر بذكائه التكتيكي وقدرته على التحكم في نسق اللعب. تألق مع برشلونة وإنتر ميلان وترك إرثًا مهمًا في أوروبا.
دينيس لو – الهداف الاسكتلندي (1964)
أحد نجوم مانشستر يونايتد التاريخيين. فاز بالجائزة عام 1964 بعد موسم تهديفي مذهل. كان لو لاعبًا شرسًا في منطقة الجزاء، يجمع بين السرعة والدقة، وأسهم بشكل رئيسي في ترسيخ قوة اليونايتد قبل كارثة ميونيخ الجوية.
جورج بيست – الموهبة التي لم تتكرر (1968)
على الرغم من أنه يُعد من أساطير كرة القدم، فإن جورج بيست فاز بالكرة الذهبية مرة واحدة فقط عام 1968. قدّم موسمًا أسطوريًا مع مانشستر يونايتد وقاده للتتويج بدوري أبطال أوروبا. امتلك مهارات خارقة جعلته يسمى بـ"اللاعب الخامس للبيتلز".
غيرد مولر – ماكينة الأهداف الألمانية (1970)
رغم كونه أحد أفضل الهدافين في التاريخ، لم يتوج مولر بالكرة الذهبية إلا مرة واحدة عام 1970. سجّل في ذلك العام أرقامًا قياسية، منها 10 أهداف في كأس العالم. كان لاعبًا غير قابل للإيقاف داخل منطقة الجزاء.
ثالثاً: الفائزون مرة واحدة في الثمانينيات
كارل هاينز رومينيغه – قائد البايرن وبداية المجد الألماني
رغم شهرته وقيادته البارزة لبايرن ميونيخ، فاز رومينيغه بالجائزة مرة واحدة فقط، في وقت كان فيه الصراع كبيرًا مع نجوم كبار مثل ميشيل بلاتيني ومارادونا.
باولو روسي – بطل كأس العالم 1982 (1982)
حقق روسي الجائزة بفضل تألقه التاريخي في كأس العالم 1982، حيث قاد إيطاليا للقب وقدّم أداءً مذهلًا، خصوصًا أمام البرازيل. ورغم أن مسيرته لم تكن طويلة، فإن ذلك العام كان كافيًا ليسجله بين العظماء.
إيغور بيلانوف – المعجزة السوفيتية (1986)
فاز بيلانوف بالجائزة بعد قيادة دينامو كييف ومنتخب الاتحاد السوفيتي إلى موسم تاريخي. تميز بسرعته وقدرته على اختراق الدفاعات، وكان لاعبًا حاسمًا في كل مباراة.
رابعاً: الفائزون مرة واحدة في التسعينيات
لوتار ماتيوس – النسر الألماني (1990)
فاز ماتيوس بالكرة الذهبية بعد قيادة ألمانيا للتتويج بكأس العالم 1990. يعتبر من أفضل لاعبي الوسط الدفاعي والهجومي في تاريخ اللعبة، ورغم تنوع أدواره، حافظ على مستوى عالمي لسنوات.
جان بيير بابان – الهداف الفرنسي (1991)
فاز بابان بالجائزة بعد عام استثنائي مع مارسيليا. كان هدافًا فريدًا بقدرته على التسديد من مختلف الزوايا، وغالبًا ما يُعرف بضرباته الأكروباتية المميزة.
روبرتو باجيو – ساحر الكرة الإيطالية (1993)
رغم أنه أحد أكثر اللاعبين الموهوبين في تاريخ إيطاليا، فقد فاز باجيو بالجائزة مرة واحدة فقط عام 1993. يتميز بأسلوبه الهادئ ولمساته الرقيقة وقدرته على تسجيل الأهداف بطرق فنية مميزة.
جورج ويا – الأسطورة الإفريقية الوحيدة (1995)
يظل جورج ويا اللاعب الإفريقي الوحيد الذي فاز بالكرة الذهبية، وكان ذلك عام 1995 بعد تألقه الكبير مع ميلان وباريس سان جيرمان. يتميز بالقوة البدنية، السرعة، والمهارات الفنية، وكان يمثل نموذجًا للاعب الكامل.
ماتياس زامر – قلب الدفاع الذي خطف الأضواء (1996)
فاز زامر بالجائزة بعد قيادته ألمانيا للقب يورو 1996. كان لاعبًا دفاعيًا استثنائيًا يمتلك حسًا هجوميًا مميزًا، وهو من القلائل الذين فازوا بالجائزة من هذا المركز.
خامساً: الفائزون مرة واحدة في الألفية الجديدة
مايكل أوين – النجم الإنجليزي الذهبي (2001)
فاز أوين بالكرة الذهبية بعد قيادة ليفربول لثلاثية تاريخية عام 2001. كان يمتاز بالسرعة الفائقة والذكاء الهجومي، وكان من أبرز المهاجمين في بدايات الألفية.
بافيل نيدفيد – الفتى الذهبي لتشيكيا (2003)
أسطورة يوفنتوس، وفاز بالجائزة عام 2003 بعد موسم استثنائي قاد فيه فريقه إلى نهائي دوري الأبطال. تميز بالقتالية، التسديدات القوية، والرؤية الهجومية.
أندريه شيفشينكو – مدفع كييف وميلان (2004)
فاز الأوكراني شيفشينكو بالجائزة عام 2004، وكان من أبرز المهاجمين في أوروبا آنذاك. عرف بالتمركز المثالي وحسن استغلال المساحات والقدرة على التسجيل بالقدمين.
ريكاردو كاكا – الساحر البرازيلي (2007)
قبل أن يبدأ عصر ميسي ورونالدو، كان كاكا آخر لاعب يفوز بالكرة الذهبية خارج هذا الثنائي، بعد موسم خرافي مع ميلان توّجه بلقب دوري أبطال أوروبا. يمتاز بالسرعة والمهارة والرؤية المثالية.
سادساً: الفائزون مرة واحدة بعد حقبة ميسي ورونالدو
لوكا مودريتش – صانع الفارق (2018)
فاز مودريتش بالجائزة بعد قيادة كرواتيا إلى نهائي كأس العالم وتحقيق دوري أبطال أوروبا مع ريال مدريد. كان الفوز بمثابة كسر لهيمنة ميسي ورونالدو التي استمرت أكثر من 10 سنوات.
كريم بنزيما – موسم استثنائي (2022)
فاز بنزيما بالجائزة بعد قيادة ريال مدريد لثنائية الدوري ودوري أبطال أوروبا عام 2022. قدّم موسمًا تهديفيًا أسطوريًا جعله الأفضل عالميًا في ذلك العام.
رودري – الفائز الأول من خط الوسط الدفاعي (2024)
فاز رودريغو هيرنانديز "رودري" بجائزة الكرة الذهبية عام 2024، لتكون المرة الأولى في مسيرته التي يحصل فيها على هذا الشرف، وقد تحقق ذلك بعد موسم استثنائي مع مانشستر سيتي ومنتخب إسبانيا.
عثمان ديمبلي – التتويج بعد رحلة كفاح (2025)
حقق عثمان ديمبلي جائزة الكرة الذهبية لأول مرة عام 2025 بعد موسم ملحمي مع باريس سان جيرمان.
عاد ديمبلي بقوة كبيرة، ليس فقط من حيث الأداء الفردي، بل أيضًا في تحقيق الألقاب، إذ كان له دور محوري في قيادة باريس سان جيرمان للنجاح على المستوى القاري.
التحليل الشامل: لماذا فاز هؤلاء اللاعبون مرة واحدة فقط؟
رغم تألقهم، هناك عدة أسباب لعدم تكرار الفوز:
1. منافسة شرسة في عصرهم.
2. تألقهم بشكل استثنائي في موسم واحد تحديدًا.
3. وجود أساطير أخرى في الفترات نفسها، مثل بيليه، مارادونا، ميسي، ورونالدو.
4. الإصابات أو تراجع المستوى بعد موسم الذروة.
ومع ذلك، يبقى لكل لاعب منهم بصمته الخاصة التي جعلته يحظى باللقب الأغلى في عالم كرة القدم.
قائمة اللاعبين الذين فازوا بالكرة الذهبية مرة واحدة تضم أساطير يصعب تكرارهم. ورغم أن البعض يتخيل أن الفوز المتكرر هو معيار العظمة، فإن الواقع يُثبت أن الموسم الذهبي الواحد يمكن أن يصنع مجدًا خالدًا. هؤلاء اللاعبون سجّلوا أسماءهم في تاريخ كرة القدم، وأثبتوا أن الوصول للقمة ولو مرة واحدة يكفي لخلودهم في ذاكرة الجماهير.


رأيك يهمنا عزيزى القارئ