شاهد

الأندية التي غيرت شعاراتها أكثر من مرة: رحلة الهوية والتاريخ عبر الزمن

الشعار هو أكثر من مجرد رسم أو رمز على قميص النادي، إنه هوية بصرية وتاريخ ومصدر فخر لكل مشجع. 

الأندية التي غيرت شعاراتها أكثر من مرة

ومع مرور السنوات، شهدت كرة القدم تغييرات كثيرة في شعارات الأندية، سواء لأسباب تجارية، أو لتجديد الهوية، أو لمواكبة العصر. بعض الأندية غيّرت شعارها مرة واحدة فقط، بينما هناك أندية قامت بتغيير شعارها عدة مرات حتى أصبح الأمر جزءًا من تاريخها الطويل.

في هذا المقال، نستعرض أشهر الأندية التي غيّرت شعاراتها أكثر من مرة، ونكشف خلف كل تغيير قصة تعكس تطور النادي وعلاقته بجماهيره.

أولاً: مانشستر سيتي – من الشعار الكلاسيكي إلى الحداثة

يُعد مانشستر سيتي أحد أبرز الأندية التي غيّرت شعارها أكثر من مرة في العقود الأخيرة.

بدأ النادي بشعار بسيط في بدايات القرن العشرين، يضم رمز السفينة الذي يعكس تراث مدينة مانشستر التجاري.

في التسعينيات، أضاف النادي النسر الذهبي وشكلاً أكثر تعقيدًا، لكنه لم ينل إعجاب الجماهير بشكل كامل.

في عام 2016، عاد مانشستر سيتي إلى تصميم كلاسيكي دائري، يحمل السفينة وثلاثة خطوط تمثل الأنهار المحلية، مع كتابة اسم النادي بخط واضح وحديث.

هذا التغيير الأخير كان جزءًا من استراتيجية العلامة التجارية للنادي بعد انتقال ملكيته إلى مجموعة أبوظبي، ليظهر بشكل عالمي أكثر احترافية.

ثانيًا: تشيلسي – من الأسد الملكي إلى الشعار العصري

يعتبر تشيلسي الإنجليزي مثالًا واضحًا على تطور الشعار مع مرور الزمن.

في بداياته استخدم النادي شعارًا بسيطًا يحتوي على حرفي “CFC” اختصارًا لاسم النادي.

في الخمسينيات، تبنى النادي شعار الأسد الملكي الممسك بعصا، في إشارة إلى الروابط الملكية في لندن.

في عام 1986، اتجه النادي لتصميم أكثر بساطة يحتوي على أسد أزرق محاط بدائرة.

ثم في عام 2005، ومع بداية عهد الملياردير الروسي رومان أبراموفيتش، عاد النادي إلى شعار أكثر فخامة مستوحى من تاريخه القديم.

الشعار الحالي يجمع بين الرمزية الكلاسيكية والحداثة، ويعتبر من أكثر الشعارات تميزًا في العالم.

ثالثًا: يوفنتوس – الجدل حول الهوية الجديدة

شعار يوفنتوس القديم والجديد

قليل من الأندية أحدثت ضجة بتغيير شعارها مثلما فعل يوفنتوس الإيطالي.

كان الشعار الأصلي للنادي يحتوي على درع أبيض وأسود وصورة حصان تورينو الشهير.

استمر التصميم الكلاسيكي لعقود طويلة، حتى عام 2017 حين قرر النادي إطلاق شعار جديد تمامًا عبارة عن حرف “J” بسيط بلونين فقط.

أثار القرار موجة من الغضب بين الجماهير، لكن الإدارة أوضحت أن الهدف هو تحويل يوفنتوس إلى علامة تجارية عالمية تتجاوز حدود كرة القدم.

ومع مرور الوقت، أصبح الشعار الجديد رمزًا للحداثة والجرأة في عالم كرة القدم.

رابعًا: روما – من الذئبة إلى التصميم الحديث

يملك نادي روما الإيطالي واحدًا من أكثر الشعارات شهرة في العالم، حيث تظهر فيه الذئبة "لوبا كابيتولينا" وهي تُرضع التوأمين رومولوس وريموس، مؤسسي مدينة روما حسب الأسطورة.

منذ تأسيس النادي عام 1927، تم تعديل الشعار أكثر من عشر مرات!

بعض التغييرات كانت لأسباب فنية أو لتبسيط التصميم ليتناسب مع الملابس والإعلانات الحديثة.

آخر تعديل كبير جاء عام 2013، حيث تبنى النادي تصميمًا أكثر وضوحًا وحداثة مع الحفاظ على الرمزية التاريخية.

يبقى شعار روما مثالًا على التوازن بين الأصالة والتطور، وكيف يمكن للنادي أن يواكب العصر دون أن يفقد جذوره.

خامسًا: إنتر ميلان – التغيير من أجل العالمية

إنتر ميلان من الأندية الإيطالية العريقة التي غيّرت شعارها عدة مرات.

منذ تأسيسه عام 1908، حافظ الشعار دائمًا على شكل دائري يضم أحرف اسم النادي “FCIM”.

ومع ذلك، شهدت العقود الأخيرة تعديلات مختلفة في الألوان والخطوط لإضفاء لمسة عصرية.

في عام 2021، أطلق النادي شعارًا جديدًا أكثر بساطة باسم “IM Inter Milano”، في إطار خطة لتوسيع العلامة التجارية عالميًا.

رغم اعتراض بعض الجماهير في البداية، إلا أن الشعار الجديد نجح في ترسيخ هوية بصرية قوية تتماشى مع العصر الرقمي.

سادسًا: باريس سان جيرمان – الهوية الفرنسية العالمية

باريس سان جيرمان من الأندية التي أولت أهمية كبيرة لتصميم شعارها.

 في بدايته عام 1970، حمل الشعار صورة برج إيفل ومهد الملك لويس الرابع عشر.

لاحقًا أزيلت بعض التفاصيل التاريخية في نسخة 2013، مع التركيز على برج إيفل واسم “PARIS” بشكل أكبر من كلمة “Saint-Germain”.

الهدف كان جعل الشعار أسهل في التسويق عالميًا، خصوصًا بعد دخول استثمارات قطرية ضخمـة وتحول النادي إلى علامة تجارية عالمية مرتبطة بالموضة والرياضة.

سابعًا: أرسنال – من المدفع إلى الشعار الحديث

يُعد أرسنال من أقدم الأندية التي استخدمت رموزًا عسكرية في شعارها.

أول شعار للنادي عام 1888 كان بسيطًا يحتوي على مدفع واحد فقط.

في الأربعينيات والخمسينيات أضيفت تفاصيل معقدة مثل شعار لندن وكلمة “Arsenal”.

في عام 2002، قرر النادي تبسيط الشعار واعتماد تصميم أكثر أناقة يتناسب مع الهوية الحديثة للنادي الإنجليزي.

التصميم الجديد أتاح للنادي حقوق ملكية كاملة للشعار بعد أن كان التصميم القديم محميًا جزئيًا، مما ساعد على استخدامه تجاريًا بحرية أكبر.

ثامنًا: ريال مدريد – تعديلات طفيفة لهوية ثابتة

شعار ريال مدريد 1902 والشعار الحالي

رغم أن ريال مدريد من أكثر الأندية محافظة على هويته، إلا أن شعاره شهد عدة تغييرات طفيفة.

الشعار الأول عام 1902 كان عبارة عن أحرف متشابكة “MCF” اختصارًا لاسم النادي.

بعد حصوله على اللقب الملكي عام 1920، أضيف التاج الملكي الذهبي.

وفي فترة الجمهورية الإسبانية أُزيل التاج، ثم أُعيد لاحقًا بعد نهاية الحرب.

آخر تعديل كان عام 2001 بإضافة لمسة ذهبية أنيقة لتتناسب مع هوية النادي الفاخرة.

هذه التعديلات البسيطة تظهر كيف يمكن للنادي أن يطوّر شعاره دون أن يفقد رمزيته التاريخية.

تاسعًا: بوروسيا دورتموند – شعار ثابت بروح متجددة

على عكس بعض الأندية التي تغيّر شعاراتها بالكامل، فإن بوروسيا دورتموند الألماني حافظ على الهوية الأساسية لشعاره منذ عقود، لكنه أجرى تعديلات طفيفة في الألوان والخطوط.

منذ عام 1945 تقريبًا، الشعار هو نفسه: دائرة صفراء بداخلها الأحرف BVB مع الرقم 09.

تمت فقط بعض التحديثات الطفيفة في عامي 1993 و2002 لجعل التصميم أنسب للاستخدام الإعلامي والتجاري.

هذا الثبات جعل شعار دورتموند أيقونة في عالم كرة القدم، يرمز إلى الوفاء والهوية الألمانية الأصيلة.

أسباب تغيير الشعارات في كرة القدم

تغيير الشعارات ليس مجرد نزوة أو رغبة في التغيير، بل غالبًا ما يحدث لأسباب محددة، منها:

1. تحديث الهوية البصرية لتناسب العصر الرقمي ووسائل التواصل الحديثة.

2. أسباب تسويقية وتجارية لجعل الشعار أكثر جذبًا للمستثمرين والمعلنين.

3. إعادة ربط النادي بتاريخه أو مدينته من خلال رموز محلية.

4. الحصول على حقوق ملكية كاملة للتصميم، مما يسمح باستخدامه في المنتجات الرسمية بحرية.

5. توحيد الشكل العالمي للعلامة التجارية خاصة بعد دخول مستثمرين جدد.

في النهاية، يظل الشعار هو الوجه الحقيقي لأي نادٍ كروي، يتوارثه الأجيال ويُطبع على القمصان والقلوب معًا.

وبين من يغيّر شعاره بحثًا عن التجديد، ومن يتمسك به كرمز للأصالة، تظل كرة القدم شاهدًا على أن الهوية البصرية ليست مجرد تصميم، بل قصة عشق بين النادي وجماهيره تمتد عبر العقود.

تعليقات