تُعد البرازيل أرض الأساطير الكروية ومهد السحر الكروي في العالم، فقد أنجبت عبر تاريخها الطويل العديد من اللاعبين الذين تركوا بصماتهم في الملاعب العالمية، ونال بعضهم أرفع جائزة فردية في كرة القدم: الكرة الذهبية (Ballon d'Or).
ما هي جائزة الكرة الذهبية؟
الكرة الذهبية هي جائزة سنوية تمنحها مجلة فرانس فوتبول الفرنسية لأفضل لاعب كرة قدم في العالم. بدأت الجائزة عام 1956، وكانت مقتصرة في البداية على اللاعبين الأوروبيين فقط، قبل أن تُفتح أمام جميع الجنسيات عام 1995، وهو ما أتاح للاعبين من أمريكا الجنوبية، وعلى رأسهم البرازيليين، المنافسة عليها.
ومنذ ذلك التاريخ، أصبح للبرازيليين حضور قوي في قوائم المرشحين والفائزين، نظرًا لما يتمتعون به من موهبة فريدة وأداء ساحر يجمع بين المهارة والإبداع والفعالية.
ريـفيلينو وزيكو وسقراط: أساطير لم تُنصفهم الجائزة
قبل الحديث عن الفائزين الفعليين بالكرة الذهبية، من المهم ذكر بعض النجوم البرازيليين الذين لم ينالوها رغم استحقاقهم، وذلك بسبب القواعد القديمة التي كانت تمنع غير الأوروبيين من الفوز بها.
أبرز هؤلاء كان ريفيلينو صاحب القدم اليسرى الساحرة، وزيكو الذي يُعتبر من أعظم صانعي الألعاب في التاريخ، وسقراط قائد المنتخب البرازيلي في الثمانينيات، وكلهم كانوا رموزًا للكرة الجميلة، لكنهم لم يحصلوا على الجائزة بسبب تلك القيود.
روماريو (1994): البرازيلي الأول الذي لمس الذهب
في عام 1994، وبعد أن ساهم في قيادة البرازيل للفوز بكأس العالم في الولايات المتحدة، حصد روماريو جائزة الكرة الذهبية من الاتحاد الدولي لكرة القدم “فيفا” (النسخة العالمية قبل دمجها لاحقًا مع جائزة فرانس فوتبول).
ورغم أن تلك النسخة لم تكن ضمن نظام "فرانس فوتبول" الأوروبي، إلا أنها اعتُبرت بمثابة اعتراف عالمي بتفوقه الكروي.
كان روماريو رمزًا للمهاجم القناص، لا يضيع الفرص، ويملك حسًا تهديفيًا استثنائيًا. أداؤه في مونديال 1994 جعل العالم يقف احترامًا لموهبته، وفتح الطريق أمام البرازيليين للفوز بجوائز فردية كبرى لاحقًا.
رونالدو نازاريو: ظاهرة الكرة الذهبية (1997 – 2002)
المرة الأولى عام 1997 عندما كان لاعبًا في إنتر ميلان الإيطالي، بعد موسم استثنائي سجل فيه عشرات الأهداف وقدم أداءً مذهلًا رغم صغر سنه.
المرة الثانية عام 2002، بعد أن عاد من إصابة خطيرة وغاب عن الملاعب أكثر من عامين، ليقود البرازيل للفوز بكأس العالم في كوريا واليابان، ويتوج كهداف البطولة.
كان فوزه الثاني بمثابة قصة خيالية عن الإصرار والتحدي والعودة من المستحيل. أصبح رونالدو أول لاعب برازيلي يفوز بالجائزة بنسختها "العالمية المفتوحة"، وأحد القلائل الذين نالوها مرتين.
ريفالدو (1999): الموهبة التي لا تُنسى
في نهاية التسعينيات، كان العالم يعيش حقبة جديدة من كرة القدم الفنية الجميلة، وكان نجمها ريفالدو، أحد أفضل من إرتدي الرقم 10 في تاريخ برشلونة والمنتخب البرازيلي.
فاز ريفالدو بالكرة الذهبية عام 1999 بعد موسم مذهل قاد فيه برشلونة للفوز بالدوري الإسباني، وأبدع بأهدافه الساحرة من مسافات بعيدة وبقدمه اليسرى القاتلة.
كان ريفالدو مثالًا للاعب المتكامل: صانع ألعاب، هداف، ومهاري من الطراز الأول. وقد وُصف بأنه "العبقري الهادئ" لأنه كان يترك أقدامه تتحدث عنه أكثر من كلماته.
رونالدينيو (2005): الفنان الذي أعاد السحر إلى الملاعب
في عام 2005، فاز بالكرة الذهبية بعد موسم خرافي مع برشلونة، قاد فيه الفريق للتتويج بلقب الدوري الإسباني وقدم أداءً جعل جماهير الخصوم نفسها تصفق له، كما حدث في ملعب سانتياغو برنابيو أمام ريال مدريد.
تميز رونالدينيو بابتسامته الدائمة ومهاراته السحرية التي لم يشهد لها العالم مثيلًا. كان يلعب وكأن الكرة جزء من جسده، وأعاد للكرة متعتها وبريقها بعد سنوات من التكتيك الجاف.
وبذلك، أصبح رابع برازيلي يفوز بالكرة الذهبية، وأحد أبرز رموز الكرة الجميلة في العصر الحديث.
كاكا (2007): آخر البرازيليين على عرش الذهب
في عام 2007، توّج ريكاردو كاكا لاعب ميلان الإيطالي بجائزة الكرة الذهبية، ليصبح آخر لاعب برازيلي يفوز بها حتى اليوم.
قاد كاكا ميلان إلى التتويج بدوري أبطال أوروبا بعد أداء مذهل، خاصة في مواجهة مانشستر يونايتد، حيث قدّم مباراة خرافية جعلت الصحف العالمية تضعه في مصاف الأساطير.
تميّز كاكا بالجمع بين السرعة، الذكاء، الأخلاق، والروح الرياضية، وكان نموذجًا للنجم المثالي داخل وخارج الملعب.
وكان فوزه بمثابة ختام جميل لعصر البرازيليين الذهبيين قبل أن يدخل العالم مرحلة جديدة من هيمنة ميسي ورونالدو على الجوائز.
هل يعود البرازيليون إلى التتويج قريبًا؟
رغم أن البرازيل ما زالت تُنجب المواهب، مثل نيمار جونيور وفينيسيوس جونيور ورودريغو، فإن المنافسة أصبحت أشد قسوة في العصر الحالي بسبب تفوق لاعبي أوروبا إحصائيًا وتكتيكيًا.
لكن مع تألق فينيسيوس في ريال مدريد، وقيادته للفريق نحو البطولات، يتجدد الأمل في أن يعود لاعب برازيلي آخر لمنصة التتويج بالكرة الذهبية قريبًا.
من روماريو إلى رونالدو، ومن ريفالدو إلى رونالدينيو وكاكا، كان للبرازيل دائمًا مكانها بين عظماء كرة القدم العالمية.
كل جيل منهم ترك بصمة لا تُنسى في تاريخ اللعبة، وجعل العالم يردد أن كرة القدم وُلدت في البرازيل، وأن سحرها لا يكتمل إلا بأقدام السامبا.

رأيك يهمنا عزيزى القارئ