كأس الأمم الأفريقية، المعروفة اختصارًا بـ"أفريكون"، هي الحدث الرياضي الأبرز في القارة الأفريقية. منذ انطلاقتها المتواضعة عام 1957، تحولت من بطولة صغيرة جمعت ثلاثة منتخبات إلى مهرجان كروي يضم 24 فريقًا، يجذب ملايين المشاهدين عبر العالم.
هذا المقال يستعرض أبرز الإحصائيات والأرقام التي شكلت تاريخ هذه البطولة، من الفرق الأكثر نجاحًا إلى اللاعبين الأسطوريين والمباريات التاريخية، معتمدًا على بيانات رسمية من الاتحاد الأفريقي لكرة القدم (CAF) ومصادر موثوقة. إنها رحلة عبر الأرقام التي لا تروي فقط قصة كرة القدم، بل تجسد شغف القارة ووحدتها.
بدايات متواضعة: النسخة الأولى والتوسع التدريجي
بدأت كأس الأمم الأفريقية في فبراير 1957 بالخرطوم، السودان، بمشاركة ثلاثة منتخبات فقط: مصر، السودان، وإثيوبيا. كانت هذه الخطوة الأولى للاتحاد الأفريقي لكرة القدم، الذي تأسس في نفس العام بدعم من مصر، إثيوبيا، السودان، وجنوب أفريقيا (التي استُبعدت لاحقًا بسبب الفصل العنصري).
في النهائي الأول، فازت مصر على إثيوبيا بنتيجة 4-0 بعد الوقت الإضافي، مسجلة أعلى نتيجة في نهائيات البطولة، وهي نتيجة تكررت في نهائي 1962 عندما فازت إثيوبيا على مصر (التي كانت تُعرف آنذاك بالجمهورية العربية المتحدة) بنتيجة 4-2.على مر السنين، شهدت البطولة نموًا كبيرًا.
في البداية، كانت تُقام بشكل غير منتظم كل عامين، لكن منذ 1968 أصبحت دورية منتظمة. توسعت المشاركة تدريجيًا من 4 فرق في 1959 إلى 8 في 1968، ثم 12 في 1992، و16 في 1996، وصولاً إلى 24 فريقًا في 2019. هذا التوسع يعكس تزايد شعبية كرة القدم الأفريقية، حيث تتنافس الآن 54 دولة في التصفيات. حتى عام 2024، أُقيمت 34 نسخة، وتغير توقيت البطولة من السنوات الزوجية إلى الفردية بدءًا من 2013 لتجنب التداخل مع كأس العالم.
الفرق الأكثر سيطرة: مصر في القمة
يليها الكاميرون بخمسة ألقاب في 1984، 1988، 2000، 2002، و2017، ثم غانا بأربعة ألقاب في 1963، 1965، 1978، و1982. كما فازت كوت ديفوار ونيجيريا بثلاثة ألقاب لكل منهما، بينما حصلت الجزائر وزائير (الكونغو الديمقراطية حاليًا) على لقبين. منتخبات مثل المغرب، تونس، السودان، إثيوبيا، جنوب أفريقيا، والسنغال فازت بلقب واحد لكل منها.من حيث الظهور في النهائيات، وصلت غانا إلى النهائي 8 مرات، أكثر من أي منتخب، لكنها خسرت 4 منها. كما يُبرز تأثير الدعم الجماهيري فوز 12 منتخبًا مضيفًا باللقب، مما يظهر أهمية الأرض والجمهور في هذه البطولة.
اللاعبون الأسطوريون: نجوم خالدون
المباريات الملحمية: شغف الكرة الأفريقية
تشتهر أفريكون بالمباريات عالية الإثارة والأهداف الغزيرة. أعلى مباراة تسجيلاً كانت بين مصر ونيجيريا في 1963 بنتيجة 6-3، تلتها مباراة كوت ديفوار وإثيوبيا في 1970 بنتيجة 6-1، حيث سجل بوكو 5 أهداف في مباراة واحدة، وهو رقم قياسي. أما أكبر انتصار فكان لغينيا على بوتسوانا 6-1 في 2012. على مستوى النسخ، سجلت نسخة 2023 (أقيمت في 2024 بكوت ديفوار) 119 هدفًا في 52 مباراة، بمعدل 2.29 هدفًا لكل مباراة، متفوقة على نسخة 2008 في غانا التي شهدت 99 هدفًا في 32 مباراة.
من ناحية الحضور الجماهيري، يُعد أفريكون حدثًا شعبيًا ضخمًا، رغم تأثره أحيانًا بالظروف الأمنية والسياسية. في نسخة 2019 بمصر، تجاوز الحضور الإجمالي مليون مشجع، مع مباراة الافتتاح (مصر 1-0 زيمبابوي) التي جذبت 74,000 متفرج. نسخة 1996 في جنوب أفريقيا سجلت أعلى حضور بـ1.5 مليون مشجع، وتتوقع نسخة 2025 في المغرب تجاوز 2 مليون بفضل الاستادات المتطورة.
حقائق رقمية فريدة: أرقام تحكي التاريخ
تضم أفريكون العديد من الحقائق الرقمية المميزة. الكأس نفسها تغيرت ثلاث مرات: الأولى (عبد العزيز عبد الله سالم) مُنحت لغانا نهائيًا في 1978 بعد ثلاثة ألقاب،
والثانية (وحدة أفريقيا) للكاميرون في 2000، والكأس الحالية تُستخدم منذ 2002. مباراة الافتتاح الوحيدة التي انتهت دون أهداف كانت في 2013 بين جنوب أفريقيا والرأس الأخضر (0-0). مصر تتصدر المشاركات بـ26 نسخة، تليها الكاميرون وغانا بـ23 نسخة لكل منهما. على الجانب الآخر.
هناك 10 منتخبات لم تتأهل أبدًا، مثل تشاد وجيبوتي. من الناحية المالية، حصل الفائز في 2023 (كوت ديفوار) على 4.5 مليون دولار، بينما نال الوصيف 2.5 مليون.
أرقام تحمل إرثًا
هذه الأرقام ليست مجرد إحصائيات، بل قصص شغف وإصرار تجسد روح القارة الأفريقية. من إيتو إلى الفراعنة، ومن المباريات الملحمية إلى الجماهير الحماسية، تظل أفريكون رمزًا للوحدة والتنافس. مع اقتراب نسخة 2025 في المغرب، يترقب عشاق الكرة إضافة أرقام جديدة إلى هذا الإرث، مؤكدين أن كأس الأمم الأفريقية ليست مجرد بطولة، بل احتفالية رياضية تعكس نبض القارة.
رأيك يهمنا عزيزى القارئ