شاهد

أبرز الجوائز الفردية في عالم كرة القدم: تاريخها وأهم الفائزين بها

تُعتبر الجوائز الفردية في عالم كرة القدم أحد أهم مظاهر التكريم والاحتفاء بجهود اللاعبين الذين أبدعوا داخل المستطيل الأخضر. 

فهي لا تعكس فقط الأرقام والإحصاءات، بل تعبّر أيضًا عن موهبة فذة، وعطاء متواصل، وتأثير في نتائج الفرق والمنتخبات. ومنذ انطلاق كرة القدم بشكلها الحديث، ظهرت العديد من الجوائز الفردية التي أصبحت حلمًا يراود كل لاعب محترف. في هذا المقال سنتعرّف على أبرز الجوائز الفردية في عالم كرة القدم، ونستعرض بداية تسليم الجوائز الفردية وتاريخها وأهم الفائزين بها على مرّ السنين.

بداية تسليم الجوائز الفردية في عالم كرة القدم

بدأت فكرة الجوائز الفردية في كرة القدم مع تطور اللعبة في منتصف القرن العشرين، عندما أدركت الصحافة الرياضية والاتحادات الدولية أهمية تكريم الأداء الفردي إلى جانب البطولات الجماعية.

في البداية، كانت التكريمات تأخذ شكل إشادات صحفية أو ألقاب رمزية مثل "لاعب الموسم" أو "هداف الدوري"، دون وجود جائزة رسمية معترف بها عالميًا.

لكن عام 1956 شكّل نقطة تحول تاريخية بإطلاق مجلة فرانس فوتبول الفرنسية أول جائزة رسمية لأفضل لاعب في أوروبا، وهي الكرة الذهبية (Ballon d’Or)، التي أصبحت فيما بعد المرجع الأساسي لتتويج الأفضل في العالم.

تبع ذلك ظهور جوائز أخرى من الاتحادات القارية مثل جائزة أفضل لاعب في إفريقيا وجائزة أفضل لاعب في آسيا في سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي، ما ساهم في ترسيخ ثقافة التكريم الفردي وتشجيع اللاعبين على التطور والتألق.

ومنذ ذلك الحين، أصبحت الجوائز الفردية جزءًا أصيلًا من هوية كرة القدم الحديثة، تضيف بُعدًا جديدًا من التنافس والإبداع إلى اللعبة.

1. جائزة الكرة الذهبية (Ballon d’Or): تاج المجد الكروي


تُعد الكرة الذهبية من أعرق وأشهر الجوائز الفردية في كرة القدم. أُطلقت لأول مرة عام 1956 من قِبل مجلة فرانس فوتبول الفرنسية، وكانت في البداية تُمنح لأفضل لاعب أوروبي فقط، قبل أن تُفتح لاحقًا أمام جميع اللاعبين حول العالم في عام 1995.

تُمنح الجائزة بناءً على تصويت مجموعة من الصحفيين الرياضيين من مختلف الدول، وتُعتبر تتويجًا لأداء اللاعب خلال موسم كامل.

من أبرز الفائزين بها ليونيل ميسي الذي حققها 8 مرات كرقم قياسي، يليه كريستيانو رونالدو بخمس مرات. كما شهدت الجائزة فترات تألق لأساطير مثل يوهان كرويف وميشيل بلاتيني وماركو فان باستن.

وتُعتبر الكرة الذهبية اليوم رمزًا عالميًا للتفوق الفردي في كرة القدم، إذ تعكس مكانة اللاعب وتأثيره على الساحة الدولية.

2. جائزة الأفضل من الفيفا (The Best FIFA Awards): أحدث الجوائز العالمية

بعد انفصال الفيفا عن مجلة فرانس فوتبول عام 2016، قرر الاتحاد الدولي لكرة القدم إطلاق جائزة خاصة به تحت اسم "The Best" لتكريم أفضل لاعب ولاعبة ومدرب في العالم كل عام.

تعتمد آلية التصويت على مشاركة الصحفيين والمدربين وقادة المنتخبات والجماهير حول العالم، مما يمنحها طابعًا أكثر شمولية.

وقد فاز بالجائزة في السنوات الأخيرة لاعبون كبار مثل (كريستيانو رونالدو وليونيل ميسي ولوكا مودريتش وروبرت ليفاندوفسكي)، ما جعلها منافسًا قويًا للكرة الذهبية.

وتتميّز الجائزة بتكريمها أيضًا المدربين وحراس المرمى وأفضل هدف في الموسم من خلال جائزة بوشكاش الشهيرة.

3. جائزة الحذاء الذهبي الأوروبي (European Golden Shoe): تتويج لهدافي القارة

تُمنح جائزة الحذاء الذهبي سنويًا لأكثر لاعب سجل أهدافًا في الدوريات الأوروبية. بدأت فكرتها عام 1968 من صحيفة ليكيب الفرنسية، وأصبحت لاحقًا تحت إشراف مؤسسة ESM.

يُحسب عدد الأهداف وفق معامل صعوبة الدوري، إذ تُضرب الأهداف في دوريات النخبة بمعامل 2، بينما تقل في الدوريات الأقل تنافسية.

من أبرز الفائزين بها: ليونيل ميسي الذي فاز بها 6 مرات (رقم قياسي)، وكريستيانو رونالدو 4 مرات، كما نالها مهاجمون بارزون مثل تييري هنري ودييغو فورلان ولويس سواريز.

تُعتبر هذه الجائزة مقياسًا دقيقًا للإنتاج الهجومي والتأثير التهديفي على مدار الموسم، وغالبًا ما تثير تنافسًا محتدمًا بين نجوم الدوريات الأوروبية الكبرى.

4. جائزة بوشكاش (Puskás Award): لأجمل هدف في العالم


أطلق الفيفا جائزة بوشكاش عام 2009 تخليدًا لاسم الأسطورة الهنغاري فيرينك بوشكاش، وهي تُمنح لصاحب أجمل هدف في العام.

تميزت الجائزة منذ بدايتها بطابعها الإبداعي، إذ لا تعتمد على الإحصاءات بل على الجمال الفني والإبداع في تسجيل الأهداف.

فاز بها العديد من النجوم مثل كريستيانو رونالدو (عن هدفه مع مانشستر يونايتد عام 2009)، ومحمد صلاح (عن هدفه مع ليفربول في 2018)، وسون هيونغ مين (عن هدفه التاريخي مع توتنهام في 2020).

جائزة بوشكاش لا تعترف بالمراكز أو البطولات، بل تحتفي بلحظة عبقرية خالدة في ذاكرة الجماهير.

5. جائزة أفضل لاعب في أوروبا (UEFA Best Player in Europe Award)

أسسها الاتحاد الأوروبي لكرة القدم يويفا عام 2011، وتُمنح سنويًا لأفضل لاعب أوروبي بناءً على أدائه في البطولات المحلية والقارية.

تُمنح الجائزة بعد تصويت لجنة من الصحفيين والمدربين، وتُعد من أكثر الجوائز مصداقية نظرًا لاعتمادها على الأداء الفني الحقيقي خلال الموسم الأوروبي.

من أبرز الفائزين بها: ليونيل ميسي، كريستيانو رونالدو، لوكا مودريتش، روبرت ليفاندوفسكي، وإيرلينغ هالاند.

تُعتبر هذه الجائزة مرجعًا قويًا في تقييم أداء اللاعبين داخل القارة العجوز بعيدًا عن التحيز الإعلامي أو الجماهيري.

6. جائزة ياشين (Yashin Trophy): تكريم لحراس المرمى


نظرًا لتجاهل حراس المرمى غالبًا في الجوائز الفردية الكبرى، استحدثت مجلة فرانس فوتبول عام 2019 جائزة ياشين تكريمًا لأسطورة الحراسة السوفيتية ليف ياشين، وهو الحارس الوحيد الذي فاز بالكرة الذهبية في التاريخ (1963).

تُمنح الجائزة لأفضل حارس مرمى في العالم وفق تصويت الصحفيين، ومن أبرز الفائزين بها أليسون بيكر، جان أوبلاك، وتيبو كورتوا.

تُعد جائزة ياشين تقديرًا لمركز الحراسة الذي يلعب دورًا محوريًا في تحقيق البطولات، رغم أنه لا يحظى عادةً بنفس الأضواء التي تحيط بالمهاجمين وصنّاع اللعب.

7. جائزة لوريوس العالمية (Laureus World Sports Award)

رغم أنها ليست حكرًا على كرة القدم، فإن جائزة لوريوس العالمية أصبحت من أبرز الجوائز التي يُكرم بها لاعبو الكرة المتميزون ضمن فئاتها المتعددة.

تأسست عام 2000، وتُمنح سنويًا لأفضل الرياضيين في العالم في مختلف الرياضات.

حصل عليها عدد من نجوم الكرة مثل زين الدين زيدان ورونالدينيو وليونيل ميسي وكيليان مبابي، نظرًا لتأثيرهم الإنساني والرياضي.

وتُعتبر لوريوس مزيجًا من التقدير الرياضي والأخلاقي، إذ تركز على القيم التي تُجسّد روح الرياضة النزيهة.

الجوائز القارية والمحلية: إشادة بالتميز الإقليمي

إلى جانب الجوائز العالمية، هناك جوائز محلية وقارية تحمل أهمية كبيرة، مثل:

جائزة أفضل لاعب في إفريقيا التي يقدمها الاتحاد الإفريقي لكرة القدم (CAF)، وفاز بها نجوم مثل محمد صلاح ورياض محرز وصامويل إيتو.

جائزة أفضل لاعب في آسيا التي تُمنح من الاتحاد الآسيوي، وفاز بها لاعبين مثل ماجد عبد الله وسون هيونغ مين.

وكذلك جائزة أمريكا الجنوبية (Rey del Fútbol de América) التي تُكرم أبرز نجوم القارة اللاتينية.

هذه الجوائز تسلط الضوء على المواهب الإقليمية التي تشكل العمود الفقري لتطور اللعبة عالميًا.

مستقبل الجوائز الفردية في كرة القدم

مع تطور الإحصاءات والتحليلات الرقمية، أصبح تقييم أداء اللاعبين أكثر دقة من أي وقت مضى.

من المتوقع أن تشهد الجوائز الفردية مستقبلًا مزيدًا من التخصص، مثل جائزة لأفضل مدافع أو صانع ألعاب أو لاعب شاب، بحيث يتم تكريم مختلف مراكز اللعب بعدالة.

كما تلعب الجماهير دورًا متزايدًا في التصويت عبر الإنترنت، مما يعزز التفاعل ويجعل الجوائز أكثر قربًا من عشاق اللعبة حول العالم.

تُجسّد الجوائز الفردية في كرة القدم قصة مجد شخصي داخل لعبة جماعية. فهي تخلّد أسماء نجوم غيّروا تاريخ اللعبة بمهاراتهم وأهدافهم وتأثيرهم داخل وخارج الملعب.

ورغم أن كرة القدم تبقى لعبة جماعية في جوهرها، إلا أن هذه الجوائز تظلّ مرآة تعكس الجهد والإبداع والتميز الفردي الذي يُضيء سماء المستديرة الساحرة عامًا بعد عام.

تعليقات