شاهد

أكثر المنتخبات العربية تسجيلاً للأهداف في تاريخ كأس العالم: رحلة الإنجازات والذكريات

في عالم كرة القدم، حيث تتلاقى الشغف والتاريخ في كل مباراة، يُعد كأس العالم الفيفا الحدث الأعظم الذي يجمع شعوب الأرض حول كرة واحدة. منذ إطلاق النسخة الأولى في عام 1930 في أوروغواي، شهد البطولة مشاركة أكثر من 80 منتخباً وطنياً، لكن المنتخبات العربية أضافت لمسة مميزة إلى هذه الملحمة. 


رغم التحديات اللوجستية والتنافسية، نجحت عدة دول عربية في التأهل إلى النهائيات، مسجلة أهدافاً لم تكن مجرد أرقام، بل رموز للصمود والإبداع.في هذا المقال، سنستعرض أبرز المنتخبات العربية التي سجلت أكبر عدد من الأهداف في تاريخ كأس العالم، مع التركيز على إجمالي الأهداف المسجلة منذ 1934 حتى النسخة الأخيرة في قطر 2022. 

سنغوص في التفاصيل التاريخية، نستذكر اللحظات الخالدة، ونحلل كيف ساهمت هذه الأهداف في بناء إرث عربي في الرياضة العالمية. ليس هذا مجرد سرد إحصائي، بل قصة عن كيف تحولت الكرة إلى جسر يربط بين الثقافات، وكيف ألهمت الأجيال الشابة في المنطقة العربية للحلم بمستقبل أكبر.

المنتخبات العربية في كأس العالم: نظرة عامة

شاركت المنتخبات العربية في كأس العالم 22 مرة حتى الآن، معظمها من شمال أفريقيا، وبعضها من الخليج. الدول التي حققت حضوراً ملحوظاً تشمل المغرب، السعودية، مصر، الجزائر، تونس، العراق، الكويت، والإمارات. 

إجمالي الأهداف المسجلة من قبل هذه المنتخبات يتجاوز 50 هدفاً، وهو رقم يعكس تطوراً ملحوظاً مقارنة بالبدايات المتواضعة. أما أكثرها تسجيلاً، فيأتي المغرب في الصدارة بـ18 هدفاً، تليه السعودية بـ13، ثم الجزائر بـ7، والعراق بـ6، ومصر بـ4. هذه الأرقام ليست عشوائية؛ إنها نتاج استراتيجيات تدريبية، مواهب فردية، وروح جماعية قوية.لنبدأ رحلتنا بالمنتخب الأكثر إنتاجية: المغرب، الذي أصبح رمزاً للإصرار العربي في البطولة العالمية.

المغرب: 18 هدفاً.. قصة الصعود الدراماتيكي


يُلقب المنتخب المغربي بـ"أسود الأطلس"، وهو لقب يليق بفريق حقق إنجازات تاريخية. مشاركة المغرب الأولى كانت في إيطاليا 1990، حيث سجل 4 أهداف فقط في ثلاث مباريات، لكنه خرج من الدور الأول. ثم جاءت النسخة التي غيرت كل شيء: أمريكا 1998. تحت قيادة المدرب البرتغالي إيفاير بينتو، وصل المغرب إلى دور الـ16 لأول مرة كمنتخب عربي، مسجلاً 5 أهداف. 

كان الهدف الأبرز من صالح اليوسفي ضد النرويج، الذي أشعل حماس الجماهير المغربية حول العالم.لكن القمة الحقيقية جاءت في قطر 2022، حيث أصبح المغرب أول منتخب عربي وأفريقي يصل إلى نصف النهائي. في تلك النسخة، سجل "أسود الأطلس" 9 أهداف في 7 مباريات، بما في ذلك الثنائية الشهيرة ليوسف النصيري ضد بلجيكا (2-0)، وهدف حكيم زياش الرائع ضد إسبانيا في ركلات الترجيح. هذه الأهداف لم تكن مجرد إحصاءات؛ إنها ألهمت ملايين الشباب في المنطقة، وأثبتت أن المنتخبات العربية قادرة على المنافسة مع الكبار. إجمالي 18 هدفاً يجعل المغرب الأكثر تسجيلاً، وهو إنجاز يعكس تطور الكرة المغربية منذ عقود، مدعوماً بأكاديميات مثل تلك في الدار البيضاء والرباط.

السعودية: 13 هدفاً.. الشجاعة الخليجية في وجه العمالقة


المنتخب السعودي، المعروف بـ"الأخضر"، يمثل الخليج في كأس العالم منذ 1994، وقد سجل 13 هدفاً في 6 مشاركات. أول مشاركة له كانت في الولايات المتحدة، حيث فاجأ الجميع بوصوله إلى دور الـ16، مسجلاً 5 أهداف بقيادة سعيد العويران، الذي سجل الهدف الشهير ضد بلجيكا بعد تسديدة من منتصف الملعب. 

تلك النسخة شهدت أيضاً هدفاً لفيصل الدعيعي ضد الموريتانيا في التصفيات، لكنه كان مقدمة للإنجازات الكبرى.في كأس العالم 2002 في كوريا واليابان، سجل السعوديون 4 أهداف، بما في ذلك هدف المهدي للإمارات ضد أيرلندا. أما في 2018 بروسيا، فقد كان الإجمالي متواضعاً بـ2 هدف فقط، لكن 2022 في قطر كانت مفاجأة حقيقية: انتصار 2-1 على الأرجنتين بأهداف صالح الشهري وسعود عبد الحميد، في واحدة من أكبر المفاجآت في تاريخ البطولة. هذه الأهداف، الـ13 إجمالاً، تعكس استراتيجية سعودية تركز على الهجمات المرتدة السريعة، ودعم الاتحاد السعودي للكرة في تطوير اللاعبين مثل سالم الدوسري، الذي أصبح رمزاً للأمل. مع استضافة السعودية لكأس العالم 2034، يُتوقع أن يرتفع هذا الرقم، مما يجعل "الأخضر" قوة إقليمية وعالمية.

الجزائر: 7 أهداف.. ذكرى "عار خيخون" وروح الثورة


المنتخب الجزائري، "خُنْسَة الخُضْر"، شارك مرتين فقط، لكنه ترك بصمة عميقة بـ7 أهداف. أول مشاركة في إسبانيا 1982 كانت أسطورية: انتصار 2-1 على ألمانيا الغربية بأهداف رباح ماجر ولخضر بلومي، و3-2 على تشيلي بثنائية لصالح عاصد وسعيد بيضوح. هذه الأهداف الخمسة جعلت الجزائر أول منتخب عربي يفوز بمباراتين في نسخة واحدة، لكن "عار خيخون" – حيث تعاونت ألمانيا ونمسا لإقصائها – أنهى الحلم. في النسخة الثانية عام 2014 في البرازيل، سجل الجزائريون هدفين: أحدهما من إسماعيل يحيار ضد بلجيكا، والآخر من عبد القادر ضد كوريا الجنوبية.

هذه الأهداف السبعة ليست مجرد إحصاء؛ إنها رمز لروح الجزائر الثورية، حيث يُرى المنتخب كامتداد للنضال الوطني. اللاعبون مثل ماجر، الذي سجل في النهائي الأولمبي 1984، ألهموا جيلاً كاملاً، وأدى ذلك إلى تطوير الكرة في الجزائر من خلال الاستثمار في الشباب.

العراق: 6 أهداف.. الإرث في زمن التحديات


رغم مشاركة واحدة فقط في المكسيك 1986، سجل المنتخب العراقي 6 أهداف في ثلاث مباريات، مما يجعله رابع أكثر المنتخبات العربية تسجيلاً. تحت قيادة المدرب مكسيميليانو كالزاديلا، فاز العراق 1-0 على الدنمارك بهدف حنون أحمد، وخسر أمام بلجيكا 1-2 (هدف عماد محمد)، وأمام البرازيل 0-1. هذه الأهداف جاءت في سياق صعب، مع الحرب العراقية-الإيرانية، لكنها أثبتت موهبة اللاعبين مثل أحمد راضي.

الإرث العراقي في كأس العالم يمتد إلى كأس آسيا، حيث فازوا عام 2007، وأهدافهم في 1986 أصبحت مصدر إلهام للأجيال اللاحقة، خاصة في ظل التحديات السياسية.

مصر والإمارات وتونس والكويت: الأهداف الثمينة

مصر، الفريق العربي الأول في كأس العالم (1934)، سجل 4 أهداف في مشاركتين: ثنائية لعبد الرحمن فوزي ضد المجر عام 1934، وهدف لمجدي عبد الغني ضد هولندا 1990. هذه الأهداف، رغم قلة عددها، هي بداية تاريخ طويل للـ"فراعنة".

الإمارات سجلت هدفين في إيطاليا 1990: أحدهما لإسماعيل مبارك ضد ألمانيا، والآخر لثاني جمعة ضد تشيلي. أما تونس، ففازت 3-1 على المكسيك في الأرجنتين 1978 بثلاثية لعلي قابي ونجيب غميذ ومختار ذويب، مسجلة 3 أهداف في مشاركتين. الكويت سجلت هدفاً واحداً في إسبانيا 1982 لجاسم يعقوب ضد تشيلي.هذه الأهداف الثمينة، رغم تواضعها، كانت أولى الخطوات نحو التميز.

كيف تتطورت الكرة العربية؟

من خلال هذه الأهداف، نرى نمطاً واضحاً: التركيز على الهجمات السريعة، الاعتماد على المهاجمين الموهوبين، والروح الجماعية. المغرب نجح بفضل التنويع في الخطط التكتيكية، بينما السعودية استثمرت في اللياقة البدنية. للمستقبل، يجب على الاتحادات العربية الاستثمار في الأكاديميات الشبابية، كما فعل المغرب مع برنامج "الأكاديمية الملكية"، وتعزيز التعاون الإقليمي عبر كأس العرب.

الأهداف التي تبني الأحلام

أكثر المنتخبات العربية تسجيلاً للأهداف في كأس العالم ليست مجرد إحصاءات؛ إنها قصص نجاح تلهم الشعوب. من 18 هدفاً مغربياً إلى الثلاثية التونسية الأولى، أثبتت المنطقة العربية أنها جزء أصيل من تاريخ كرة القدم العالمية. مع اقتراب كأس العالم 2026 في أمريكا، و2034 في السعودية، نتطلع إلى المزيد من هذه اللحظات الساحرة. فالكرة، في النهاية، لغة عالمية تجمعنا، وأهدافنا العربية جزء لا يتجزأ من هذه اللغة.

تعليقات