شاهد

أفضل 10 لاعبين في تاريخ نادي النجم الساحلي التونسي: رحلة الأساطير والإنجازات القارية

في قلب مدينة سوسة التونسية، حيث يلتقي البحر الأبيض المتوسط بالتاريخ العريق، يقف نادي النجم الرياضي الساحلي كرمز للعزيمة والتميز. تأسس النادي عام 1925 على يد مجموعة من الشباب التونسيين الذين سعوا لزرع بذور الرياضة في أرض خصبة بالطموحات. 

منذ ذلك الحين، تحول "جوهرة الساحل" إلى أحد أعمدة كرة القدم الإفريقية، محققًا 32 لقبًا في الدوري التونسي، و3 ألقاب في دوري أبطال أفريقيا، بالإضافة إلى كأس الاتحاد الإفريقي وكأس السوبر الإفريقي. هذه الإنجازات لم تكن ممكنة دون أبطال ارتدوا قميصه الأحمر والبيضاء، وتركوا بصماتهم في صفحات التاريخ.

في هذا المقال، نستعرض أفضل 10 لاعبين في تاريخ النجم الساحلي، بناءً على إسهاماتهم في الفوز بالألقاب، الأرقام الإحصائية، والتأثير على الفريق والمنتخب التونسي. هذا التصنيف ليس مطلقًا، إذ يعتمد على مزيج من الإنجازات الجماعية والفردية، لكنه يعكس إرثًا يلهم الأجيال الجديدة. دعونا نغوص في قصص هؤلاء الأساطير، الذين حوّلوا الملعب الأولمبي بسوسة إلى معبد للشغف.

1. عبد المجيد الشتالي: المهندس الذي بنى عصر الذهب 

يُعتبر عبد المجيد الشتالي (1931-2017) الرجل الذي رسم خريطة نجاح النجم الساحلي الحديث. لاعب خط الوسط الدفاعي، قضى مسيرته بأكملها في النادي منذ الخمسينيات حتى 1970، ثم تحول إلى مدرب ناجح بين 1971 و1978. كلاعب، ساهم في الفوز بـ5 ألقاب دوري تونسي متتالية (1970-1974)، وكان عمودًا فقريًا في الدفاع. إجمالي مشاركاته تجاوز 300 مباراة، وسجل أكثر من 50 هدفًا. كمدرب، قاد الفريق إلى لقب الدوري عام 1975. الشتالي لم يكن مجرد لاعب؛ كان رمزًا للانضباط والذكاء التكتيكي، ويُلقب بـ"المهندس" لقدرته على قراءة المباريات. ترك إرثًا يتجاوز الملعب، إذ أصبح رئيسًا فخريًا للنادي، وألهم جيلًا كاملاً من اللاعبين التونسيين.

2. الحبيب موقو: الهداف التاريخي الذي أشعل الشغف 

ولد الحبيب موقو عام 1927، واعتزل عام 1961، لكنه يظل الهداف الأكبر في تاريخ النجم الساحلي بأكثر من 200 هدف. مهاجم سريع وذكي، كان نجم الدوري التونسي في الخمسينيات، حيث سجل 28 هدفًا في موسم واحد (1958-1959)، مساهمًا في الفوز بكأس تونس لأول مرة في تاريخ النادي بعد تغلبه على الترجي 3-2 في النهائي. شارك في بناء الفريق الأول مع رفاق مثل محمد بوراوي وعبد القادر بن عمر، وساهم في الفوز بالدوري عام 1963. موقو لم يكن مجرد هداف؛ كان رمزًا للروح القتالية، وقد أدخل النادي في عصر الاحترافية المبكرة. حتى اليوم، يُذكر اسمه في الأناشيد الجماهيرية كأيقونة للإخلاص.

3. أمين الشرميطي: بطل أفريقيا الذي غيّر المعادلة

في عصر النجم الساحلي القاري، برز أمين الشرميطي (مواليد 1980) كمهاجم استثنائي، خاصة في موسم 2007. سجل 14 هدفًا في دوري أبطال أفريقيا، مما جعله أفضل هداف في البطولة، وقاد الفريق إلى أول لقب قاري بمسمى "دوري الأبطال" بعد الفوز على الأهلي المصري في القاهرة. إجمالي أهدافه مع النجم تجاوز 100، وساهم في 4 ألقاب دوري تونسي (2006-2010). حاز جائزة أفضل لاعب أفريقي في البطولات النادية عام 2007، وكان نجم المنتخب التونسي في كأس أمم أفريقيا 2008. الشرميطي يُلقب بـ"الصقر الساحلي" لسرعته وقدرته على الالتحام بالكرة، وهو مثال حي على كيف يمكن للاعب واحد أن يحوّل فريقًا محليًا إلى قارّي.

4. رؤوف بن عزيزة: المدافع الذي حارس الأبواب والقلوب

رؤوف بن عزيزة (1946-2004) هو المدافع الأكثر إشرافًا في تاريخ النادي بـ12 لقب دوري تونسي، وفوز بكأس الاتحاد الأفريقي 1995. لعب بين 1965 و1983، وسجل أكثر من 40 هدفًا من ركلات الرأس، نادرًا ما يحدث للاعب دفاعي. حاز جائزة أفضل لاعب تونسي مرتين، وكان قائدًا في المنتخب التونسي الذي تأهل إلى كأس العالم 1978. بن عزيزة لم يكن يلعب للفوز فقط؛ كان يلعب للحفاظ على التراث، ودفاعه الصلب سمح لهجمات النجم بالتألق. بعد اعتزاله، أصبح مدربًا، لكنه يظل رمزًا للولاء، إذ رفض عروضًا أجنبية ليبقى في سوسة.

5. عثمان جنية: الجنرال الذي قاد الثورة الهجومية

عثمان جنية (مواليد 1955) يُعدّ من أبرز صانعي الألعاب في تاريخ النادي، مع 10 ألقاب دوري تونسي بين 1970 و1985. سجل 80 هدفًا، لكنه برع في التمريرات الحاسمة، مساهمًا في فوز النجم بكأس تونس 1974 و1975. حاز جائزة أفضل لاعب أفريقي في البطولات النادية، وكان نجمًا في المنتخب التونسي خلال السبعينيات. جنية كان "الجنرال" لقدرته على تنظيم الوسط، وهو الذي أدخل أسلوب اللعب الجماعي الذي أصبح علامة النجم. اعتزاله عام 1985 كان خسارة، لكنه ترك مدرسة لاعبين تعتمد على الذكاء لا القوة الجسدية فقط.

6. موسى ناري: النجم الأفريقي الذي أضاء السماء الساحلية

الغاني موسى ناري (مواليد 1984) انضم إلى النجم عام 2006، وسرعان ما أصبح بطل دوري أبطال أفريقيا 2007 بفضل أدائه الاستثنائي في الوسط الهجومي. سجل 8 أهداف في البطولة، وساهم في الفوز بكأس الكونفدرالية 2006 وكأس السوبر الأفريقي. إجمالي مشاركاته 150 مباراة، مع 40 هدفًا، وقاد الفريق إلى كأس العالم للأندية في اليابان. ناري حاز جائزة أفضل لاعب غريب في الدوري التونسي، وكان مفتاحًا للانتقال من النجاح المحلي إلى القاري. رحيله عام 2010 كان صدمة، لكنه يظل مثالًا على كيف يمكن للاعب أفريقي أن يصبح جزءًا من هوية النادي.

7. عبد السلام أدهومة: الحارس الذي أوقف العواصف

عبد السلام أدهومة (مواليد 1956) هو أحد أفضل حراس المرمى في تاريخ التونسية، مع 9 ألقاب دوري تونسي بين 1970 و1985. حقق إيقافات أسطورية في نهائي كأس تونس 1981، وساهم في الفوز بكأس الاتحاد الأفريقي. شارك في أكثر من 250 مباراة، وحافظ على شباكه نظيفة في 60% منها. أدهومة حاز جائزة أفضل حارس أفريقي مرتين، وكان عمودًا في المنتخب التونسي. يُلقب بـ"الجدار الساحلي" لثباته تحت الضغط، واعتزاله عام 1986 أنهى عصرًا ذهبيًا للحراسة في النادي.

8. أوليفييه جيروتو: البرازيلي الذي أحيا الروح القارية

البرازيلي أوليفييه جيروتو (مواليد 1975) انضم عام 2006، وأصبح بطل كأس الكونفدرالية 2006 ودوري الأبطال 2007. سجل 12 هدفًا في البطولات الأفريقية، وساهم في 3 ألقاب دوري تونسي. كلاعب وسط متعدد الاستخدامات، كان يجمع بين الدفاع والهجوم ببراعة، وحاز جائزة أفضل لاعب أجنبي في تونس. جيروتو لم يكن مجرد إعارة؛ أدخل الثقافة البرازيلية للعب الجماعي، ومساهمته في النهائيات القارية جعلته أيقونة للجماهير.

9. كريم العريبي: السرعة التي أذهلت أوروبا

كريم العريبي (مواليد 1994) هو الجناح الشاب الذي برز في العقد الأخير، مع 5 ألقاب دوري تونسي (2015-2020) ووصول إلى نصف نهائي الكونفدرالية 2019. سجل 35 هدفًا وصنع 50 تمريرة حاسمة، وكان نجمًا في كأس أمم أفريقيا 2019 مع المنتخب. العريبي حاز جائزة أفضل لاعب واعد في تونس، وسرعته (أسرع لاعب تونسي في الدوري) جعلته هدفًا لأندية أوروبية. يمثل جسرًا بين الماضي والمستقبل، محافظًا على إرث الهجوم الساحلي.

10. وجدي كشريدة: المدافع الحديث الذي بنى الدفاع الحديدي

وجدي كشريدة (مواليد 1992) هو المدافع الشاب الذي قاد الفريق إلى لقب كأس العرب 2019 ولقب الدوري 2020. شارك في أكثر من 200 مباراة، وسجل 15 هدفًا من الكرات الثابتة، وساهم في الوصول إلى نصف نهائي الكونفدرالية. كشريدة حارس المنتخب التونسي في كأس العالم 2022، ويُلقب بـ"الصخرة" لقوته الجسدية. إسهامه في التوازن الدفاعي جعله ختامًا مثاليًا لهذه القائمة، مؤكدًا استمرارية التميز.

إرث يتجاوز الملاعب

أفضل 10 لاعبين في تاريخ النجم الساحلي ليسوا مجرد أسماء؛ هم قصص نضال وإبداع شكلت هوية نادٍ يُلقب بـ"النجم" لبريقه الدائم. من الشتالي الذي بنى الأساس إلى كشريدة الذي يحمي المستقبل، مرّ النادي بمراحل تحولت فيها التحديات إلى ألقاب. اليوم، مع جيل جديد يحمل الشعلة، يظل النجم الساحلي مصدر إلهام لكرة القدم الإفريقية. إذا كنت مشجعًا، تذكّر: النجاح ليس مصادفة، بل هو عمل أبطال مثل هؤلاء.

تعليقات