نادي هامبورغ الرياضي الاتحادي (Hamburger SV أو HSV)، أحد أعرق الأندية في تاريخ كرة القدم الألمانية، يُلقب بـ"الدينامو" بفضل تراثه الغني الذي يمتد لأكثر من قرن.
تأسس النادي عام 1887، وهو الوحيد الذي حافظ على حضوره المستمر في الدوري الألماني الأول منذ إنشاء البوندسليغا عام 1963 حتى عام 2018، حيث حقق ستة ألقاب دوري وكأس أوروبا للأبطال عام 1983. يلعب الفريق في ملعب فولكسبارکشتاديون أمام جماهير شغوفة، ويُعرف بلقبه "Die Rothosen" بسبب ألوانه الأزرق والأبيض والأسود.
في هذا المقال، نستعرض أفضل 10 لاعبين في تاريخ النادي، بناءً على إنجازاتهم، تأثيرهم على الفريق، والإرث الذي تركوه. هذه القائمة غير مرتبة بشكل صارم، لكنها تعكس التنوع عبر العصور، من أبطال الستينيات إلى نجوم الثمانينيات والعصر الحديث. كل لاعب هنا ليس مجرد إحصائية، بل قصة حب مع النادي، مليئة بالأهداف، الدوريات، واللحظات التي غيرت مسار التاريخ.
1. أويه زيلر : "أنس أويه"، قلب النادي النابض
يُعتبر أويه زيلر، المهاجم الألماني الأسطوري، اللاعب الأعظم في تاريخ هامبورغ دون منازع. ولد عام 1940 في هامبورغ نفسها، وانضم إلى النادي في سن السابعة عشرة، حيث قضى معظم مسيرته (من 1954 إلى 1972) كقائد ومهاجم. سجل 137 هدفًا في 239 مباراة، وكان هداف البوندسليغا الأول عام 1963/64 بـ30 هدفًا. شارك في أربع كؤوس عالم (1958، 1962، 1966، 1970) مع ألمانيا الغربية، وسجل 43 هدفًا دوليًا.
رغم عدم فوزه بكأس العالم، أصبح رمزًا للنادي؛ منحته المدينة لقب "مواطن شرفي" عام 2003، وتمثال قدمه اليمنى خارج الملعب. زيلر لم يكن مجرد هداف، بل رمز للولاء، حيث رفض عروضًا من أندية إيطالية ليبقى مع "الدينامو". حتى اليوم، يُشار إليه بـ"Uns Uwe" (أويه لنا)، وهو الرئيس الشرفي للنادي.
2. مانفريد كالتز : الظهير الأبدي، سيد التمريرات العرضية
إذا كان زيلر القلب، فإن مانفريد كالتز هو اليد اليمنى التي رسمت طريق النجاح. الظهير الأيمن هذا، الذي لعب بين 1969 و1989، يحمل الرقم القياسي في عدد المباريات للنادي بـ581 لقاءً. اشتهر بتمريراته العرضية الدقيقة، التي كانت تُغذي المهاجمين مثل هورست هروبيش. ساهم في فوز النادي بدوري أبطال أوروبا 1983، وثلاثة ألقاب بوندسليغا (1979، 1982، 1983). مع ألمانيا الغربية، لعب 69 مباراة وفاز بيورو 1980. كالتز لم يكن مدافعًا تقليديًا؛ كان فنانًا في الهجوم، يُقارن بـ"الأمير" فيليب لام في عصرنا. بعد اعتزاله، عمل مدربًا مساعدًا، محافظًا على إرثه كأحد أفضل الظهيريين في تاريخ الكرة الألمانية.
3. كيفن كيغان : الإنجليزي الذي أشعل الثمانينيات
الإنجليزي كيفن كيغان، المهاجم السريع والمبدع، انضم إلى هامبورغ عام 1977 من ليفربول مقابل 500 ألف جنيه إسترليني، وأصبح أحد أعظم التعاقدات في تاريخ النادي. خلال فترته (1977-1980)، سجل 32 هدفًا في 90 مباراة، وساعد في الفوز بلقبين بوندسليغا (1979، 1980). كيغان، الذي فاز بكرة الذهب مرتين (1978، 1979)، كان قائدًا كاريزميًا، يجمع بين السرعة والذكاء. في نهائي دوري الأبطال 1980، وصل النادي إلى النهائي لكنه خسر أمام نوتنغهام فورست. رحيله إلى هامبورغ كان خطوة جريئة، لكنه أضاف لمسة دولية للفريق، وألهم جيلًا من اللاعبين بأسلوبه الهجومي الجريء. اليوم، يُذكر كيغان كالنجم الذي جعل هامبورغ يتنافس في أوروبا.
4. هورست هروبيش: الوحش الهابط، ملك الرأسيات
لقب "الوحش" لم يأتِ عبثًا؛ هورست هروبيش، المهاجم الطويل القامة (1.88 متر)، كان سلاحًا سريًا لهامبورغ في الثمانينيات. انضم عام 1978 من روت-فايس إيسن، وسجل 117 هدفًا في 194 مباراة، بما في ذلك 8 أهداف في دوري الأبطال 1983. كان شريكًا مثاليًا لكالتز في التمريرات العرضية، وساهم في الفوز بدوري الأبطال ضد يوفنتوس (1-0) بهدف في النهائي. مع ألمانيا، فاز بيورو 1980 وسجل هدف الفوز في نصف نهائي كأس العالم 1982 ضد فرنسا. هروبيش لم يكن مجرد هداف؛ كان رمزًا للقوة الجسدية، حيث يحتل نسبة أهداف إلى مباريات عالية في تاريخ البوندسليغا (136 هدف في 224 مباراة). اعتزاله عام 1984 لم يمنعه من العودة كمدرب، محافظًا على حبه للنادي.
5. فيليكس ماغاث : الهداف المتعدد المهام
فيليكس ماغاث، اللاعب المتوسط الميداني الصلب، قضى عقدًا كاملاً في هامبورغ (1976-1986)، حيث لعب 220 مباراة وسجل 44 هدفًا. أشهر لحظاته كان هدفه الفائز في نهائي دوري الأبطال 1983 ضد يوفنتوس، مما ضمن اللقب الأوروبي الوحيد للنادي. فاز بثلاثة ألقاب بوندسليغا وكأس الاتحاد الأوروبي 1977. ماغاث، الذي لعب أيضًا مع ألمانيا في كأس العالم 1982، كان معروفًا بجديته وذكائه التكتيكي، مما جعله لاحقًا مدربًا ناجحًا (فاز بلقبين بوندسليغا مع بايرن ميونيخ). في هامبورغ، كان "العمود الفقري" للفريق، يربط الدفاع بالهجوم بكفاءة، ويُعتبر من أفضل اللاعبين الألمان في السبعينيات والثمانينيات.
6. أوتو هاردير : بطل العشرينيات، المهاجم الأسطوري
قبل عصر البوندسليغا، كان أوتو هاردير (1898-1946) النجم الذي أسس أسطورة هامبورغ. المهاجم هذا، الملقب بـ"الوحش الثاني"، لعب بين 1919 و1930، وسجل أكثر من 194 هدفًا في 246 مباراة. فاز بلقبين دوري ألماني (1922، 1923)، وساهم في بناء النادي كقوة إقليمية. هاردير كان هدافًا استثنائيًا، يُقارن بـ"غونتر أيشر" في عصرنا، لكنه اشتهر أيضًا بفضيحة خارج الملعب (تورط في جرائم حرب)، مما يُلطخ إرثه قليلاً. رغم ذلك، يُعتبر أحد مؤسسي النادي، وأهدافه في النهائيات الوطنية جعلت هامبورغ يُعرف كـ"نادي الشعب".
7. أسغر نجور : الإيراني الذي أحيا الدفاع
في السبعينيات، جاء المدافع الإيراني أسغر نجور (1946-2020) ليُعزز خط الدفاع لهامبورغ (1972-1978). لعب 150 مباراة، وساهم في فوز النادي بكأس الاتحاد الأوروبي 1977. نجور، الذي لعب أيضًا مع إيران في كأس آسيا، كان معروفًا بقوته الجسدية وقدرته على إيقاف الهجمات. كان أول لاعب آسيوي بارز في أوروبا، وأضاف تنوعًا ثقافيًا للفريق. إرثه يتجاوز الملعب؛ كان رمزًا للاندماج، حيث ساعد في بناء الفريق الذي فاز بـ"دوبل" في 1983.
8. سيرجي بارباريز : هداف الألفية الجديدة
في العصر الحديث، برز البوسني سيرجي بارباريز (1971-) كأحد أفضل المهاجمين في التسعينيات والألفية. انضم عام 2000 من بوروسيا دورتموند، وسجل 59 هدفًا في 137 مباراة حتى 2006. كان هداف البوندسليغا المشترك عام 2000/01 بـ22 هدفًا، مما أنقذ النادي من الهبوط. بارباريز، المتعدد المهام (مهاجم أو جناح)، فاز بكأس الاتحاد الأوروبي 2005، وأصبح رمزًا للنادي بعد عودته كمدرب. قصته الشخصية – من لاجئ حرب إلى نجم – تجعله مصدر إلهام، وهو يُعتبر أفضل لاعب أجنبي في تاريخ HSV.
9. رافاييل فان دير فارت : الإبداع الهولندي
اللاعب الهولندي رافاييل فان دير فارت (1983-) قضى طفولته في أكاديمية هامبورغ، ثم عاد كمحترف (2005-2008) ليُبهر الجماهير بـ36 هدفًا في 82 مباراة. كان قائدًا إبداعيًا في الوسط، يسدد من بعيد ويخلق الفرص. ساهم في وصول النادي إلى نصف نهائي كأس الاتحاد الأوروبي 2008. فان دير فارت، الذي لعب مع ريال مدريد وتوتنهام، يُذكر في هامبورغ كـ"الفتى المحلي" الذي أعاد الأمل في العصر الحديث، رغم التحديات.
10. جيروم بواتينغ : المدافع العملاق
أخيرًا، جيروم بواتينغ (1988-)، المدافع الألماني العملاق، لعب لهامبورغ بين 2007 و2011، حيث شارك في 72 مباراة كقائد دفاعي صلب. اشتهر بسرعته وقوته في التوازن، وساهم في الحفاظ على النادي في البوندسليغا. لاحقًا، فاز بكأس العالم 2014 وبوندسليغا مع بايرن، لكنه يُعتبر جزءًا من جيل الشباب الذي أعاد بناء HSV. بواتينغ لم يكن مجرد مدافع؛ كان رمزًا للقوة الألمانية الحديثة، وإرثه في هامبورغ يذكرنا بأن النادي ينتج المواهب العالمية.
أبطال هامبورغ: من الولاء إلى الإبداع في قلب النادي
هؤلاء اللاعبون ليسوا مجرد أرقام في سجلات النادي؛ هم الذين شكلوا هوية هامبورغ كفريق يجمع بين الولاء والإبداع. من زيلر الذي رفض الثراء إلى كيغان الذي أحضر النجومية العالمية، إلى بارباريز الذي قاوم الصعاب. اليوم، مع عودة النادي إلى الدوري الثاني، يبقى هذا التراث مصدر إلهام للجيل الجديد. إذا كنت مشجعًا لـHSV، تذكر: كل هدف، كل تمريرة، جزء من قصة أكبر. هل توافق على هذه القائمة؟ شاركنا رأيك في التعليقات!