تُعد لحظات الطرد في المباريات النهائية للبطولات الكبرى من اللحظات الحاسمة التي تترك أثرًا عميقًا في تاريخ الرياضة، خاصة في كرة القدم، حيث يمكن لبطاقة حمراء واحدة أن تغير مسار مباراة بأكملها وتحدد مصير فريق أو حتى بطولة.
تظل حالات الطرد في النهائيات الكبرى جزءًا لا يتجزأ من الدراما التي تجعل الرياضة، وخاصة كرة القدم، ساحرة ومثيرة. هذه اللحظات لا تُظهر فقط مهارة اللاعبين وقرارات الحكام، بل تُبرز أيضًا الروح القتالية والتحديات النفسية التي تواجه الفرق. من زيدان إلى سواريز، تُعلمنا هذه الحوادث أن الرياضة ليست مجرد لعبة، بل مسرح للعواطف والقرارات الحاسمة التي تُخلّد في التاريخ.
في هذا المقال، نستعرض مجموعة من أبرز حالات الطرد التي وقعت في نهائيات البطولات الكبرى، مع التركيز على تأثيرها وأهميتها في سياق الرياضة العالمية.
أبرز 5 حالات طرد في تاريخ كرة القدم
1. زين الدين زيدان – نهائي كأس العالم 2006
ربما تكون لحظة طرد زين الدين زيدان في نهائي كأس العالم 2006 بين فرنسا وإيطاليا هي الأكثر شهرة في تاريخ كرة القدم. في الدقيقة 110 من الشوط الإضافي، قام زيدان، قائد المنتخب الفرنسي، بالهجوم على المدافع الإيطالي ماركو ماتيراتزي برأسه بعد استفزاز لفظي. أشهر الحكم الأرجنتيني هوراسيو إليزوندو البطاقة الحمراء في وجه زيدان، ليغادر الملعب في آخر مباراة في مسيرته الاحترافية. هذا الطرد أضعف المنتخب الفرنسي معنويًا، مما ساهم في خسارته للمباراة بركلات الترجيح، وترك بصمة لا تُنسى في ذاكرة عشاق اللعبة.
2. جون تيري – نصف نهائي دوري أبطال أوروبا 2012
في مباراة نصف نهائي دوري أبطال أوروبا بين تشيلسي وبرشلونة عام 2012، تلقى قائد تشيلسي جون تيري بطاقة حمراء في الدقيقة 37 بعد تدخل عنيف على أليكسيس سانشيز. على الرغم من أن هذا الطرد جعل تشيلسي يلعب بعشرة لاعبين فقط في ملعب الكامب نو، إلا أن الفريق أظهر روحًا قتالية مذهلة وتمكن من التأهل إلى النهائي بفضل دفاعه الصلب وتسجيل هدف حاسم عن طريق فرناندو توريس. هذه الواقعة تُظهر كيف يمكن للطرد أن يكون نقطة تحول، لكن ليس بالضرورة نهاية الأمل للفريق.
3. بيبي – نصف نهائي دوري أبطال أوروبا 2011
في مباراة نصف نهائي دوري أبطال أوروبا بين ريال مدريد وبرشلونة عام 2011، تلقى المدافع البرتغالي بيبي بطاقة حمراء مثيرة للجدل بعد تدخل على داني ألفيس. الحكم وولفغانغ ستارك اعتبر التدخل عنيفًا، لكن الإعادة التلفزيونية أظهرت أن ألفيس قد بالغ في ردة فعله، مما أثار جدلاً واسعًا حول قرار الحكم. هذا الطرد أضعف ريال مدريد بشكل كبير، وساهم في تأهل برشلونة إلى النهائي، حيث فاز باللقب لاحقًا. تُعد هذه الحادثة مثالاً على كيف يمكن أن تؤثر قرارات التحكيم على نتيجة مباراة حاسمة.
4. لويس سواريز – ربع نهائي كأس العالم 2010
في مباراة ربع نهائي كأس العالم 2010 بين أوروغواي وغانا، ارتكب لويس سواريز واحدة من أكثر الحركات إثارة للجدل في تاريخ المونديال. في الدقيقة الأخيرة من الشوط الإضافي، استخدم سواريز يده لمنع كرة غانية من دخول المرمى، مما أدى إلى طرده فورًا. ورغم إضاعة غانا لركلة الجزاء الناتجة عن الحادثة، إلا أن هذا الطرد سمح لأوروغواي بالوصول إلى ركلات الترجيح ومن ثم التأهل إلى نصف النهائي. هذه الحادثة أثارت نقاشًا أخلاقيًا حول ما إذا كان قرار سواريز مبررًا لإنقاذ فريقه.
5. أزوسا إيواشيميزو – نهائي كأس العالم للسيدات 2011
في كرة القدم النسائية، شهد نهائي كأس العالم 2011 بين اليابان والولايات المتحدة طرد اللاعبة اليابانية أزوسا إيواشيميزو في الدقيقة 120 بعد تدخل قوي. على الرغم من الطرد، أظهرت اليابان مرونة كبيرة ونجحت في الفوز باللقب بركلات الترجيح، لتكون أول دولة آسيوية تفوز بكأس العالم للسيدات. هذه الحادثة تُبرز قدرة الفرق على التكيف حتى في أصعب الظروف.
تأثير الطرد في النهائيات الكبرى
تُظهر هذه الحالات أن الطرد في النهائيات الكبرى ليس مجرد عقوبة تحكيمية، بل هو حدث يمكن أن يغير ديناميكية المباراة ويؤثر على النتيجة النهائية. سواء كان الطرد نتيجة سلوك عنيف، كما في حالة زيدان، أو قرارًا مثيرًا للجدل كما حدث مع بيبي، أو حتى فعلًا استراتيجيًا كما فعل سواريز، فإن هذه اللحظات تبقى محفورة في ذاكرة الجماهير.