تُعد جائزة أفضل لاعب في الدوري الإنجليزي الممتاز، المقدمة من رابطة اللاعبين المحترفين (PFA)، واحدة من أعرق الجوائز الفردية في عالم كرة القدم.
هذه الجائزة، التي تُمنح سنويًا ، لتكريم اللاعب الذي يُظهر أداءً استثنائيًا طوال الموسم بناءً على تصويت زملائه من اللاعبين المحترفين في إنجلترا. في هذا المقال، نستعرض أبرز اللاعبين الذين حصدوا هذه الجائزة أكثر من مرة، مع تسليط الضوء على إنجازاتهم التاريخية وتأثيرهم على الدوري الإنجليزي الممتاز مع التركيز علي تاريخ الجائزة.
بداية جائزة رابطة اللاعبين المحترفين
تأسست رابطة اللاعبين المحترفين الإنجليزية (PFA) عام 1907 بهدف حماية حقوق اللاعبين وتحسين ظروفهم المهنية. لكن فكرة منح جائزة سنوية لتكريم أفضل لاعب في الدوري الإنجليزي بدأت لاحقًا، وتحديدًا في موسم (1973-1974). كانت هذه هي المرة الأولى التي تُقدم فيها الرابطة جائزة "أفضل لاعب في العام"، وذلك لتكريم اللاعبين المتألقين في الدوري الإنجليزي (الذي كان يُعرف آنذاك باسم دوري الدرجة الأولى قبل إعادة هيكلته ليصبح الدوري الممتاز في 1992).
الفائز الأول بهذه الجائزة كان اللاعب نورمان هانتر، مدافع نادي ليدز يونايتد، والذي تم اختياره من قبل زملائه اللاعبين لأدائه المميز خلال ذلك الموسم. منذ ذلك الحين، أصبحت الجائزة تقليدًا سنويًا يحتفي بأبرز الأسماء في كرة القدم الإنجليزية.
تحول الجائزة مع تأسيس الدوري الإنجليزي الممتاز
مع إطلاق الدوري الإنجليزي الممتاز في موسم (1992-1993)، بعد انفصال أندية الدرجة الأولى عن دوري كرة القدم الإنجليزي لتأسيس دوري مستقل، اكتسبت جائزة رابطة اللاعبين المحترفين أهمية إضافية. أصبحت الجائزة مرتبطة ارتباطًا وثيقًا بالدوري الممتاز، الذي أصبح واحدًا من أقوى الدوريات في العالم بفضل العائدات التلفزيونية الكبيرة والرعاية الرسمية.
في الموسم الافتتاحي للدوري الممتاز (1992-1993)، فاز بالجائزة اللاعب بول ماكغراث من نادي أستون فيلا، مما يعكس التنافسية العالية في ذلك الوقت. ومع مرور السنوات، أصبحت الجائزة رمزًا للتفوق الفردي، حيث تُمنح بناءً على تصويت اللاعبين المحترفين أنفسهم، مما يجعلها فريدة من نوعها مقارنة بجوائز أخرى تعتمد على آراء الإعلام أو المشجعين.
آلية اختيار الفائز
تتميز جائزة رابطة اللاعبين المحترفين بأنها تعتمد على تصويت اللاعبين المحترفين من جميع الأندية المشاركة في الدوري الإنجليزي الممتاز وأحيانًا أندية من الدرجات الأدنى. يتم توزيع استمارات التصويت على اللاعبين عبر ممثلي الرابطة في ملاعب التدريب، مع قواعد صارمة تمنع اللاعب من التصويت لزميل في نفس الفريق، مما يضمن الحيادية والمصداقية. تُجرى عملية التصويت عادةً في شهر أبريل، قبل انتهاء الموسم، لضمان تقييم الأداء الفردي دون التأثر بالنتائج النهائية للدوري.
يتم الإعلان عن الفائز خلال حفل سنوي يُقام في لندن أو مانشستر، حيث يتم أيضًا تكريم أفضل لاعب شاب، أفضل تشكيلة للموسم، وجوائز أخرى مثل جائزة الجدارة للإسهامات المميزة في كرة القدم.
تطور الجائزة ورعايتها
على مر السنين، ارتبطت الجائزة بعدة رعاة رسميين عكسوا التطور التجاري للدوري الإنجليزي. من عام 1994 إلى 2001، كانت تُعرف باسم "جائزة كارلينج لأفضل لاعب"، ثم أصبحت "جائزة باركلايكارد" بين 2001 و2004، ومن ثم "جائزة باركليز" حتى 2016. منذ موسم 2016-2017، أصبحت تُعرف باسم "جائزة إي إيه سبورتس لأفضل لاعب"، مما يعكس دخول شركات الألعاب الإلكترونية كرعاة.
قائمة أكثر اللاعبين حصولًا على جائزة رابطة اللاعبين المحترفين في الدوري الإنجليزي الممتاز
يتصدر النجم المصري محمد صلاح، لاعب نادي ليفربول، قائمة اللاعبين الأكثر حصولًا على جائزة رابطة اللاعبين المحترفين بفوزه بها ثلاث مرات (2017-2018، 2021-2022، 2024-2025). صلاح، الذي انضم إلى ليفربول في صيف 2017، أعاد تعريف دور الجناح في الدوري الإنجليزي بفضل سرعته الفائقة، مهاراته التهديفية، وقدرته على صناعة الأهداف.
في موسم 2024-2025، قاد صلاح فريقه لتحقيق اللقب العشرين في الدوري الإنجليزي، مسجلًا 29 هدفًا وصانعًا 18 تمريرة حاسمة، ليصبح أول لاعب في تاريخ البريميرليج يجمع بين خمس جوائز فردية في موسم واحد، بما في ذلك الحذاء الذهبي وجائزة أفضل صانع ألعاب. إنجازاته جعلته رمزًا للإلهام وأيقونة عالمية، خاصة بعد أن أصبح أول لاعب يفوز بالجائزة ثلاث مرات، متجاوزًا أساطير الدوري السابقين.
الأساطير ذوو الفوز المزدوج
قبل صلاح، كان هناك نخبة من اللاعبين الذين فازوا بالجائزة مرتين، مما يعكس تأثيرهم الكبير على الدوري الإنجليزي. من بينهم:
تييري هنري: المهاجم الفرنسي الأسطوري لنادي أرسنال، فاز بالجائزة في موسمي 2002-2003 و2003-2004. كان هنري رمزًا للأناقة والفعالية، حيث قاد أرسنال للقب الدوري في 2004 دون أي هزيمة، وهو إنجاز غير مسبوق في العصر الحديث للبريميرليج.
كريستيانو رونالدو: النجم البرتغالي، الذي تألق مع مانشستر يونايتد، حصل على الجائزة في موسمي 2006-2007 و2007-2008 بشكل متتالي. كان رونالدو قوة لا تُضاهى، حيث جمع بين السرعة، القوة، والتهديف، وساهم في تتويج يونايتد بالعديد من الألقاب، بما في ذلك دوري أبطال أوروبا.
كيفين دي بروين: صانع الألعاب البلجيكي لمانشستر سيتي، فاز بالجائزة في موسمي 2019-2020 و2020-2021. يُعتبر دي بروين أحد أفضل لاعبي خط الوسط في تاريخ الدوري، بفضل رؤيته الاستثنائية وقدرته على تقديم تمريرات حاسمة غيرت مجرى المباريات.
آلان شيرار: الهداف التاريخي للدوري الإنجليزي، حصل على الجائزة مرتين مع بلاكبيرن روفرز (1994-1995) ونيوكاسل يونايتد (1996-1997). كان شيرار رمزًا للثبات والقوة التهديفية.
مارك هيوز وغاريث بيل: كلاهما فاز بالجائزة مرتين، الأول مع مانشستر يونايتد والثاني مع توتنهام هوتسبير، مما يعكس تأثيرهما الكبير في فترات مختلفة من تاريخ الدوري.
ما الذي يجعل هذه الجائزة مميزة؟
تتميز جائزة رابطة اللاعبين المحترفين بأنها تُمنح بناءً على تصويت اللاعبين أنفسهم، مما يعطيها مصداقية خاصة. على عكس جوائز أخرى قد تعتمد على لجان إعلامية أو آراء المشجعين، فإن هذه الجائزة تعكس تقدير اللاعبين لزملائهم بناءً على الأداء داخل الملعب. يتم الإعلان عن الفائز عادةً في شهر مايو، خلال حفل سنوي يُقام في إحدى المدن الإنجليزية، مثل مانشستر أو لندن.
تأثير الجائزة على اللاعبين والأندية
الفوز بجائزة رابطة اللاعبين المحترفين ليس مجرد تكريم فردي، بل غالبًا ما يكون مرتبطًا بنجاح الفريق. على سبيل المثال، محمد صلاح قاد ليفربول للقب الدوري في موسم 2024-2025، بينما ساهم رونالدو وهنري في تتويج أنديتهم بالألقاب خلال مواسم فوزهم. هذا الارتباط يبرز أهمية اللاعبين المميزين في تحقيق الإنجازات الجماعية، مما يجعل الجائزة رمزًا للقيادة والتأثير.
تظل جائزة رابطة اللاعبين المحترفين واحدة من أرفع الجوائز التي يمكن أن يحصل عليها لاعب في الدوري الإنجليزي الممتاز. محمد صلاح، بفوزه الثلاثي التاريخي، وضع اسمه بين أعظم أساطير اللعبة، متجاوزًا نجومًا مثل تييري هنري وكريستيانو رونالدو. هؤلاء اللاعبون لم يكتفوا بالتألق الفردي، بل ألهموا أجيالًا من اللاعبين والمشجعين، وساهموا في رفع مستوى المنافسة في البريميرليج. مع استمرار الدوري في استقطاب أفضل المواهب العالمية، من المؤكد أن هذه الجائزة ستظل شاهدة على التاريخ الكروي المليء بالإنجازات.