أكثر الأندية تحقيقًا للثنائية (الدوري والكأس) في موسم واحد : رحلة الأبطال عبر التاريخ
تُعد الثنائية المحلية، التي تجمع بين لقبي الدوري وكأس البلاد في موسم واحد، إنجازًا كرويًا مرموقًا يعكس تفوق الفريق وقوته التنافسية على الصعيدين المحلي والتنظيمي .
هذا الإنجاز لا يتطلب فقط مهارة استثنائية واستقرارًا في الأداء، بل يحتاج أيضًا إلى تخطيط استراتيجي وإدارة متميزة لمواجهة ضغوط المنافسة في بطولتين مختلفتين بنفس الوقت. في هذا المقال، سنستعرض أكثر الأندية تحقيقًا للثنائية في عدد من الدوريات العالمية البارزة، مع تسليط الضوء على إنجازاتها التاريخية، وسنركز على بعض الدوريات الكبرى مثل الدوري الإسباني، الإنجليزي، والسعودي، بالإضافة إلى لمحات عن فرق أخرى عالمية.
الثنائية : إنجاز يتجاوز التتويج العادي
الثنائية ليست مجرد فوز بلقبين في موسم واحد، بل هي دليل على قدرة الفريق على تحقيق التوازن بين الاستمرارية في الدوري والتألق في الأدوار الإقصائية للكأس. تتطلب هذه المهمة فريقًا متكاملًا يمتلك عمقًا في التشكيلة، إدارة فنية ذكية، ولاعبين قادرين على تحمل ضغط المباريات المتتالية. في العديد من الدوريات، تُعتبر الثنائية إنجازًا نادرًا بسبب المنافسة الشرسة والتحديات اللوجستية التي تواجه الأندية خلال موسم طويل.
أوروبا : برشلونة يتربع على عرش الثنائية في إسبانيا
في الدوري الإسباني (الليغا)، يبرز نادي برشلونة كأكثر الأندية تحقيقًا للثنائية، حيث حقق هذا الإنجاز 9 مرات عبر تاريخه، وفقًا للإحصائيات المتداولة. من أبرز مواسمه التاريخية كان موسم 2008-2009 تحت قيادة المدرب بيب غوارديولا، حيث لم يكتفِ الفريق بالثنائية فحسب، بل حقق الثلاثية التاريخية بإضافة دوري أبطال أوروبا. يعتمد نجاح برشلونة على فلسفة "التيكي تاكا"، التي تجمع بين السيطرة على الكرة والهجوم المنظم، مما جعله قوة لا تُضاهى في العديد من المواسم.
يليه نادي أتلتيك بيلباو بخمس ثنائيات، وهو إنجاز مذهل بالنظر إلى أن النادي يعتمد على لاعبين من إقليم الباسك فقط، مما يجعل سياسته الإدارية فريدة من نوعها. ريال مدريد، رغم هيمنته على ألقاب الدوري (36 لقبًا)، لم يحقق الثنائية سوى أربع مرات، مما يعكس تفوق برشلونة في هذا الجانب.
في إنجلترا، كان نادي بريستون نورث إيند أول من حقق الثنائية في التاريخ عام 1889، لكن في العصر الحديث، يبرز مانشستر يونايتد وأرسنال كأكثر الأندية تحقيقًا لهذا الإنجاز. مانشستر يونايتد، تحت قيادة السير أليكس فيرغسون، حقق الثنائية ثلاث مرات (1993-94، 1995-96، 1998-99)، حيث كان الأخير جزءًا من الثلاثية التاريخية. أما أرسنال، فقد حقق الثنائية ثلاث مرات أيضًا (1970-71، 1997-98، 2001-02)، مع أسلوب لعب هجومي بقيادة أرسين فينغر في أواخر التسعينيات وأوائل الألفية.
السعودية : الاتحاد والهلال يتنافسان على الصدارة
في الدوري السعودي، يتصدر نادي الاتحاد قائمة الأندية الأكثر تحقيقًا للثنائية بواقع 6 مرات (1958، 1959، 1963، 1997، 2001، 2025)، متفوقًا على الهلال الذي حققها 5 مرات (1964، 2005، 2017، 2020، 2024). هذا الإنجاز يعكس القوة التاريخية للاتحاد، خاصة في موسم 2024-2025، حيث حقق الثنائية لأول مرة في تاريخه تحت قيادة المدرب لوران بلان.
الهلال، من جانبه، يبقى قوة لا يُستهان بها، حيث يُعد أحد أكثر الأندية السعودية هيمنة على الألقاب المحلية، لكنه يتخلف عن الاتحاد بفارق ثنائية واحدة. الأهلي والنصر يتقاسمان المركز الثالث بثلاث ثنائيات لكل منهما، حيث حقق الأهلي الثنائية في مواسم (1970، 1978، 2016)، بينما حقق النصر هذا الإنجاز في مواسم (1974، 1975، 1981).
لمحة عالمية : أندية أخرى بارزة
على المستوى العالمي، تبرز أندية مثل يوفنتوس في إيطاليا، الذي حقق الثنائية 6 مرات، بفضل هيمنته على الدوري الإيطالي خلال العقد الماضي. بايرن ميونخ في ألمانيا يُعد أيضًا من الأندية المهيمنة، حيث جمع بين الدوري وكأس ألمانيا في عدة مواسم، وأبرزها موسم 2019-2020 الذي شهد الثلاثية الأوروبية. في اسكتلندا، يتألق سيلتك ورينجرز، حيث حققا العديد من الثنائيات بفضل هيمنتهما المحلية.
ما الذي يجعل تحقيق الثنائية صعبًا ؟
تحقيق الثنائية يتطلب مزيجًا من العوامل، أبرزها :
عمق التشكيلة : الفرق التي تمتلك لاعبين قادرين على المنافسة في بطولتين تحتاج إلى بدلاء بنفس المستوى لتجنب الإرهاق.
الإدارة الفنية : المدربون مثل غوارديولا، فيرغسون، وبلان أظهروا قدرة استثنائية على إدارة الموارد البشرية والتكتيكية.
الاستقرار المؤسسي : الأندية التي تحقق الثنائية غالبًا ما تكون مستقرة إداريًا وماليًا، مما يسمح لها بالتركيز على الأداء الرياضي.
الحظ والتوقيت : في بعض الأحيان، تكون الإصابات أو القرارات التحكيمية عاملًا حاسمًا في الأدوار الإقصائية للكأس.
الثنائية كرمز للتفوق
الثنائية ليست مجرد إحصائية، بل هي شهادة على قدرة النادي على التغلب على التحديات وتحقيق التميز في موسم واحد. سواء كان ذلك برشلونة في إسبانيا، مانشستر يونايتد في إنجلترا، أو الاتحاد في السعودية، فإن هذه الأندية تركت بصمة لا تُمحى في تاريخ كرة القدم. مع استمرار المنافسة في الدوريات العالمية، ستظل الثنائية هدفًا يسعى إليه الأبطال، ومصدر إلهام لعشاق اللعبة حول العالم.